للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الحديث أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذكر الفِتَنَ فقال: (يكونُ بَعْدَها هُدْنةٌ على دَخَنٍ وجماعةٌ على أقْذاءٍ) وأصلُ الهدنة: السكون بعد الهَيْجِ، ومنه قيل للصلح بعد القتال بين كل

متحارِبَيْنِ: هُدْنةٌ، لأنها ملاينَة وفترة سكون بين المتقاتلين، والدخن: الكُدورَة إلى السوادِ كالدخان. والمراد سكون على غِل

[ثبات العداوة الذاتية]

قالوا في ذلك: الودُّ والعداوة يُتوارثان.

وفي كليلة ودمنة: ليس بين العداوة الجوهرية صُلْحٌ وإن اجتُهِد، فالماء وإن أطيلَ إسخانُه فليس يمتنع من إطفاءِ النار إذا صُبَّ عليها. ويُحكى: أنَّ أعرابياً أخذ جَروَ ذئبٍ، فربّاه بلبن شاةٍ عنده، وقال: إذا ربّيته مع الشاة أنِس بها، فيذبُّ عنها ويكون أشدَّ من الكلب، ولا يعرف طبْعَ أجناسِه، فلمّا قوي وثب على شاة فافْتَرسَها، فقال الأعرابي:

أكلْتْ شُوَيهيتي ونَشأتَ فينا ... فَما أدْراك أنّ أباك ذيبُ

حمد المداجاة طلباًَ للفرصة

قال عليٌ كرّم اللهُ وجْهَه: أنكى الأشياء لعدوِّك أنْ لا تُعْلِمَه أنَّك اتَّخَذْتَه عدوَّاً

وقال القاضي التنوخي:

الْقَ العَدُوَّ بوجْهٍ لا قُطوبَ بِه ... يَكادُ يَقْطُرُ مِنْ ماءِ البَشاشاتِ

فأحْزَمُ النَّاسِ مَنْ يَلْقى أعاديه ... في جِسْمِ حِقْدٍ وثَوْبٍ من مَودّاتِ