للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}. . .

وجدت الناس اخْبُر تَقْلَهْ

ومن أبْدعِ ما قيل في ذمِّ الناس ما جاء في حديث أبي الدّرداء: (وجدت الناس اخْبُرْ تَقْلَِهْ). . . قال ابنُ الأثير في النهاية: القِلَى: البُغْضُ، يقال: قَلاه يَقْليه قِلَىً وقَلىً: إذا أبْغضه، قال الجوهريُّ: إذا فَتحت مَدَدْتَ، ويَقلاه: لغةُ طيء.

يقول جرِّب الناس فإنّك إذا جرَّبتهم قليتَهم وتركتَهم، لما يَظهر لك من بواطنِ سرائِرِهم.

لفظه لفظُ الأمر ومعناه الخبر، أي مَنْ جَرَّبهم أبغَضَهم وتركَهم: والهاء في تَقْلِه: للسَّكْتِ. ومعنى نظم الحديث: وَجَدْتُ النّاسَ مقولاً فيهم هذا القول.

[الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة]

وجاء في الحديث الشريف: (الناس كإبلٍ مائةٌٍ لا تَجِدُ فيها راحلة). . . يعني أنَّ المَرْضِيَّ المُنْتخبَ من الناس في عزَّة وجودِه كالنَّجيبِ من الإبلِ القويِّ على الأحمال والأسفار الذي لا يوجد في كثير من الإبل. وقال الإمام الأزهريُّ: الذي عندي في هذا الحديث: أنّ الله تعالى ذم الدنيا وحذَّر العبادَ سوءَ مغبَّتِها وضرب لهم فيها الأمثالَ ليعتبروا، ويحذروا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحذِّرهم كما حذَّرهم الله، فرغب بعض أصحابه بعده فيها وتنافَسوا عليها حتى كان الزهدُ في النادرِ القليلِ منهم فقال: تجدون الناس بعدي كإبل مائة ليس فيها راحلة، أي أن الكامل في الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة قليلٌ كقلّة الراحلة في الإبل، والراحلة هي