للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال:

إنّا لَفي زَمَنٍ تَرْكُ القبيحِ بهِ ... مِنْ أكْثرِ الناسِ إحْسانٌ وإجْمالُ

لَولا المشقَّةُ سادَ الناسُ كلُّهمُ ... الجودُ يُفقرُ والإقْدامُ قتَّالُ

وقالوا في أنّ من شيمِ الناسِ أن تَحمدَ مَنْ رشدَ وتلومَ مَنْ يَغوي وفي ذلك يقول القُطاميُّ:

والنَّاسُ مَنْ يلْقَ خيراً قائِلونَ له ... ما يَشْتهي ولأُمِّ المُخْطئِ الهَبَلُ

وقدْ أخذَه من قول المُرقّش الأصغر:

ومَنْ يلْقَ خَيْراً يَحْمدِ الناسُ أمرَه ... ومَنْ يَغْوِ لا يَعْدَمْ على الغَيِّ لائِما

وهذا لعمري من عناوين اللؤم المركب في الطّباع.

وقالوا في انْتكاسِ الأحوال وارتفاع السَّفِلَةِ الأنْذال والقائل: خِداشُ بنُ زهير - شاعر جاهلي من شعراء قيس - وهو ابن عمّ لبيد:

فإنَّكَ لا تُبالي بَعْدَ حَوْلٍ ... أظبْيٌ كانَ أمَّكَ أمْ حِمارُ

فَقَدْ لَحِقَ الأسافِلُ بالأعالي ... وماجَ اللؤمُ واخْتَلَطَ النِّجارُ

وعاد الفِنْدُ مثلَ أبي قُبيسٍ ... وسيقَ مَعَ المُعلْهَجَةِ العِشارُ

النِّجار: الأصل. والفِنْد: قطعةٌ مِنَ الجَبلِ طولاً، وأبو قُبيس جبل بمكَّةَ، والمراد به: الرَّجلُ

الشريف، كما يُراد بالفِند، الرَّجلُ الوضيع، والمُعَلْهَجة: المرأةُ اللئيمةُ الأصْل الفاسِدةُ النَّسب. والعشار: جمع العُشراء: الناقة مضى لحملها عشرة أشهر؛ يقولُ هذا الشاعر: أمّا وقد لحق الأسافلُ بالأعالي واختلطت الأصولُ وماجَ أمرُ الناسِ واضطرب وعظمَ شأن اللؤم ونفقَتْ