للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أغْدَرُ مِنَ الذِّئْبِ، قال:

هو الذِّئْبُ ولَلذِّئبُ أوْفى أمانة

وقال:

والذِّئْبُ يأدو لِلْغَزالِ يَأْكُلُهْ

يأدو للغزال: يَخْتِله ليأكله، قال الشاعر:

حَنَتْني حانياتُ الدَّهْرِ حتَّى ... كأنّي خاتِلٌ يَأدو لِصَيْدِ

ويقال: ركب فلان السَّخْبرَ: إذا غدر، قال حسان بن ثابت:

يا حارِ مَنْ يَغْدِرْ بذمّة جارِه ... مِنكم فإنَّ مُحمداً لم يَغْدِرِ

إنْ تَغْدِروا فالغَدْرُ منكم شيمةٌ ... والغَدْرُ ينبتُ في أصولِ السَّخْبَرِ

قال ابن برّي: إنّما شُبّه الغادرُ بالسخبر، لأن السخبر شجرٌ إذا انتهى استرخى رأسُه ولم يبقَ على انتصابه، يقول حسان: أنتم لا تثبتون على وفاء كهذا السخبر الذي لا يثبت على حالٍ، بينا يُرى معتدلاً منتصباً، عاد مُسْترخياً غير منتصب

وبعد فإنّهم على هذا نَصحوا بمُداراةِ الناسِ ما دام الاستغناء عنهم غيرَ مستطاع. قال رجل لابن عباس: ادعُ اللهَ لي أن يغنيني عن الناس فقال: إنّ حوائج الناس تتصل بعضُها ببعض كاتصال الأعضاء، فمتى يستغني المرْءُ عن بعض جوارحه؟ ولكن قل: أغْنِني عن شرار الناس. ورُوي: أن بعضهم كان يطوف ويقول: من يشتري مني بضائعَ بعشرة آلاف درهم؟ فدعاه بعضُ الملوك وبذل له المال فقال له: اعلم أن اللهَ لم يخلق خلقاً شراً من الناس، وإن لم يكن بدٌّ من الناس فانظر كيف تحتاج أن تعامل ما لابدّ منه ولا غِنى بك عنه. . . ثم قال: هل يساوي هذا الكلام عشرة آلاف درهم؟ قال: دونَك المال، ولم يأخذه. . . وقالوا: ثلثا التعايش، مداراةُ الناس. وقال النظَّام - إبراهيم بن سيّار أحد شيوخ المعتزلة -: ما يسرُّني تركُ المداراة ولي حُمْرُ النَّعَم،