للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخيرُ سَجيَّاتِ الرِّجالِ سَجيَّةٌ ... تُوفِّيكَ ما تُسدي من القَرْضِ بالقَرْضِ

إذا الأرْضُ أدَّتْ ريعَ ما أنْتَ زارِعٌ ... مِنَ البَذْرِ فيها فَهْيَ ناهيكَ مِنْ أرْضِ

ولَولا الحُقودُ المُسْتَكنَّاتُ لم يكُنْ ... لِيَنْقُضَ وِتْراً آخِرَ الدَّهْرِ ذو نَقْضِ

وما الحِقْدُ إلاّ تَوْأمُ الشُّكْرِ في الفَتى ... وبَعْضُ السَّجايا يَنْتَهينَ إلى بَعْضِ

فحيثُ تَرى حِقْداً على ذي إساءةٍ ... فَثَمَّ تَرى شُكْراً على حَسَنِ الفَرْضِ

وفي هذا القدر من عبقرياتهم في الحقد كفاية وترى في باب الطبائع ما ينقع غلّتك إن شاء الله.

[الحسد]

الحسد وقانا الله شرَّه - داءٌ من الأدواء المُتأصّلة الخبيثة الشائعة في هذا الناس إلا من عصم ربُّك، قال علماؤنا: الحسد: أن يرى الرجل لأخيه نِعمةً فيتمنّى أنْ تَزولَ عنه وتكونَ

له دونه، أما الغَبْطُ أو الغِبْطةُ فهي: أن يتمنى أن يكونَ له مثلُها ولا يتمنى زوالَها عنه، وهي كما قال الإمام الأزهري -: ضَرْبٌ من الحسد، ولكنَّها أخفُّ منه، قال: ألا ترى أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما سُئِل: هل يضرُّ الغَبْط؟ فقال: نعم، كما يضرُّ الخَبط فأخبر أنّه ضارٌّ وليس كضرر الحسد الذي يتمنى صاحبُه زوالَ النعمةِ عن أخيه، والخبط: ضرْبُ ورق الشجر حتى يتحاتَّ عنه ثم يستخلف من غير أن يضُرَّ ذلك بأصل الشجرة وأغصانها.

وقال الله عزَّ وجلَّ: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}. . . . .

قال الإمام البيضاويُّ: ما فضَّل اللهُ به بعضَكم على بعض: أي من الأمورِ الدُّنيوية كالجاه والمال، قال: لا تتمنَّوْه. فلَعلَّ عدمَه خيرٌ، قال: