للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حبِّه وإنَّما آتيه من بُغْضه، ثم تمثّل بقول الحُصَيْنِ بن الحُمام المرِّي:

تَأخَّرْتُ أسْتَبْقي الحَياةَ فلَمْ أجِدْ ... لِنَفْسي حَياةً مِثْلَ أنْ أتَقدَّما

وهي أبيات مشهورة يقول فيها:

فلَسْنا على الأعْقابِ تَدْمى كُلومُنا ... ولكِنْ على أقْدامِنا تَقْطُرُ الدَّما

نُفلِّقُ هاماً مِنْ رجالٍ أعِزَّةٍ ... عَلَيْنا وهُمْ كانوا أعَقَّ وأظْلَما

ومعنى تأخرت. . . ألبيت: لما تأخّرْتُ طمع فيَّ العدو، وظنّني جباناً فاجترأ عليّ، لأن كل أحد يطمع في الجبان، ومن ثم كان القتل إلى الجبان أسرع، فتقدمت، فكان التقدم أنجى لي، ويجوز أن يكونَ المعنى: أحجمت مُسْتَبْقياً لِحياتي، فلَمْ أجِدْ لنفسي حياةً كما يكون في الإقدام وذلك أنّ الأحدوثة الجميلة إنّما تكون بالتقدم لا بالتأخُّر. ومعنى فلسنا على الأعقاب. . . البيت: نحن لا نولّي فنجرح في ظُهورنا فتقطر دماؤنا على أعقابنا، ولكنّا نستقبل السيوفَ بوجوهنا، فإن أصابتنا جراحٌ قطرت دماؤنا على أقدامنا، وقوله نفلّق هاماً. . . . البيت فالهام جمع هامة، وهي الرأس يقول: نشقِّق هاماتٍ من رجالٍ يكرُمون علينا، لأنّهم منّا وهمْ كانوا أسبقَ إلى العقوق: ويقال: عقَّ الرحم كما يقال: قطعها.

وقال الكلحبة اليربوعيّ - شاعر جاهلي -:

إذا المَرْءُ لَمْ يَغْشَ الكريهةَ أوْشَكَتْ ... حِبالُ الهُوَيْنى بِالفَتى أنْ تَقَطَّعا

الغشيان: الاتيان، والكريهة: الحرب، وقيل: شدَّتها، وقيل النازلة! وأوشكت: قاربت ودنت، والحبال جمع حبل، بمعنى: السبب، استعير لكل شيء يُتَوَصَّلُ به إلى أمر من الأمور، والهوينى: الخفض والراحة