للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخدعة والحيلة والتحرّز في الحرب

قال سيدنا رسول الله: (الحربُ خدعة) خَدْعة وخُدْعة والفتح أفَصَحُ، وخُدَعة مثل هُمَزة، قال علماؤنا: ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم: خَدْعة، ومعناها: من خُدِعَ فيها خَدْعة فزلَّت قدمُه وعطِبَ فليس لها إقالةٌ، قال ابن الأثير: وخَدْعة. أفصح الروايات وأصحها، ومن قال خُدْعة أراد. هي تُخْدع، كما يقال: رجلٌ لُعْنَة: يلعن كثيراً، وإذا خدعَ أحدُ الفريقين صاحبَه في الحرب فكأنّما خُدِعت، ومن قال: خُدَعَة أراد أنّها تخدع أهلَها، كما قال عمرو بن مَعْدِ يكرب:

الحَرْبُ أوّلَ ما تكونُ فَتيَّةٌ ... تَسْعى بِزينَتِها لِكُلِّ جَهولِ

حتّى إذا اسْتَعَرَتْ وشَبَّ ضِرامُها ... عادت عَجوزاً غيرَ ذاتِ خليلِ

شَمْطاَء جَزَّتْ رأسَها وتَنَكَّرَتْ ... مَكْروهةً للشَّمِّ والتَّقْبيلِ

وقالوا: إذا لَمْ تَغْلِبْ فاخْلُبْ أي إذا أعياك الأمْرُ مُغالبةً فاطْلُبْه مُخادَعةً.

وقال بعضهم: كُنْ بحيلتك أوثقَ منك بِشِدَّتِك، وبِحَذرِك أفرحَ مِنك بنَجْدتِك، فإنَّ الحربَ حربٌ لِلمُتَهوِّر وغنيمةٌ للمُتَحَذّر. وقالوا: حازمٌ في الحرب خيرٌ من ألفِ فارسٍ، لأنّ الفارسَ يقتل عشرة وعشرين، والحازِم قدْ يقتلُ جيشاً بحَزْمه وتدبيره.