للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهؤلاء الذين أسرتم ولا تظنوهم كان فيهم رمقٌ - بقية حياة - وإنّما هم أموات، من الجبن والخوف، وأنتم لخِسَّتكم ودناءة نفوسكم لا تقدرون إلا على أمثالهم، كما أنّ الضَّبُعَ لا تفترس إلا الجثث الميّتة. وقوله: وإنما عرَّض الله. . . البيت يقول: إنّما خذل الله هؤلاء الجنود وجعلهم لكم عِرضة ليطهّر الله عسكرَ سيف الدولة من أمثالهم فيعودَ إليكم بجنودٍ أبطالٍ ليس فيهم فَسْلٌ ولا نذلٌ. وقوله: فكلُّ غزْوٍ إليكم. . . البيت يقول فكلّ غزوة إليكم بعد اليوم تكون له لا عليه لأنّ الأدنياء من جنوده قد أسِروا ولم يَبْقَ إلا المختارون من الأخيار، وكلُّ غازٍ تبعٌ له لأنه سيِّد الغزاة.

ولمَّا انهزم بعضُ القواد دخل عليه بعض الأفاضل فقال: الحمد لله الذي نظر لَنا عليك ولم

ينظر لك علينا، فقد تقدَّمْتَ للشهادةِ بجهدك ولكن علمَ اللهُ حاجَتنا إليكَ فأبقاك لنا.

[صدر من عبقرياتهم في الجبن]

قال سبحانه وتعالى: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ}. . .

وقالت عائشة رضي الله عنها: (إنّ لله خلقاً قلوبُهم كقلوب الطير، كلَّما خففتِ الريحُ خفقت معها، فأُفٍّ للجبناء، أُفٍّ للجبناء).

ومما قيل في الجبن من الشعر القديم قولُ القائل:

ولَوْ أنَّها عُصْفورةٌ لَحَسِبْتَها ... مُسَوَّمةً تَدْعو عُبيداً وأرْنَما

يقول لَوْ رأيتُ عُصفورةً لحسبتها من جُبنك خيلاً مُسَوّمةً، وعُبيد وأرنم: قبيلتان