للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: لكنَّ قومي وإن كانوا ذوي عدد. . . . ألبيت وصف قومه بأنهم يؤثرون السلامة والعفو عن الجُناة ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً، ولو أرادوا الانتقام لقَدَروا بعددهم وعُدَدِهم. هذا إذا كان الشاعر لا يريد كما قلنا هجاءَ قومِه وإنّما يريد حثَّهم على الانتقام، أمّا إذا كان يريد ذمَّهم فإنّه يهجوهم ويعيِّرهم بالجُبن في هذا البيت. وقوله: كأنَّ ربك. . . . البيت تهكُّمٌ منه وسخرية. ومعنى قوله: فُرْسانا ورُكباناً: أنهم كانوا يُقاتلون على الخيل والإبل، ومِنْ ذا قولُ عمرَ بن الخطاب لسعدِ بن أبي وقّاص في حرب القادسية: أخبرني: أيُّ فارسٍ كانَ أشْجْعَ؟ وأيُّ راكبٍ كانَ أشدَّ غَناءً؟ وأيُّ راجِلٍ كانَ أصْبر؟ فذَكَرَهُمْ له وميَّزَهم.

ومن طريفِ أبياتِ الحماسة التي أوردها أبو تمام في حماسته والمبرِّد في الكامل أبياتٌ قال المبرّد: إنّها لأعرابيٍّ من بني سعد ونَسبها أبو تمام إلى الهُذْلول بنِ كعب العنبري - وكلاهما شاعر جاهلي - وكان هذا القائل مُمْلَكاً - أي عُقِدَ له على امرأة ولم يبتنِ بها - فنزل به أضيافٌ فقامَ إلى الرَّحى فطَحَنَ لهم، فمرَّت به زوجتُه في نِسوةٍ، فقالت لهن: أهذا بعلي؟ فأُعْلِمَ بذلك فقال:

تَقولُ: وصَكَّتْ نَحْرَها بِيَمينِها: ... أبَعْلِيَ هَذا بالرَّحى المُتقاعِسُ؟

فقُلْتُ لَها: لا تَعْجَلي وتَبَيَّني ... فَعالي إذا التفَّتْ عليَّ الفوارِسُ

ألَسْتُ أرُدُّ القِرْنَ يَرْكَبُ رَدْعَه ... وفيهِ سِنانٌ ذو غِرارَيْنِ نائِسُ