للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحيث أن بعضهم يضللون ويكفرون ويبطلون بعضا آخرين ويشنعون عليهم، وكفى الله المؤمنين القتال، فقد سقط عن أهل السنة عبء تلك المجادلة الباطلة فلا حاجة بذكر الاختلافات في هذا الكتاب الذي ألف لما بين أهل السنة والشيعة خاصة. (١)

[(كثرة اختلاف الشيعة)]

ولنذكر قليلا من أقوالهم في شروط الإمامة ومعناها وتعيين الأئمة وعددهم تنبيها على أن كثرة الاختلاف في شيء دليل على كذبه، لينقلب عليهم طعنهم الوارد منهم على أهل السنة باختلاف الفروع، لأن اختلافهم في الأصول، وظاهر أن أديان الأنبياء السابقين كانت مختلفة في الفروع فقط ومتفقة في الأصول كما قال الله تعالى {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا} الآية. فالدين الذي تكون أصوله مختلفا فيها هو أعجب الأديان بل هو باطل كملة الكفر، إذ هو حينئذ لا يشبه بدين من أديان الأنبياء الماضيين فضلا عن دين الإسلام.

ثم لا يخفى ان معنى الإمامة عند الغلاة (٢) محض الحكومة وإجراء الأحكام والأوامر والنواهي وشأن من شؤون الألوهية، وعند غيرهم معناها نيابة عن النبي في أمور الدين والدنيا. والزيدية قاطبة لا يشترطون العصمة في الإمامة، ولا يحسبون النص في حقه ضروريا أيضا، بل الأفضلية عندهم لازمة أيضا، وإنما معنى الإمامة عندهم الخروج بالسيف، ويعتقدون الإظهار من عمدة شرائط الإمامة. والإسماعيلية - إلا النزارية - يشترطون العصمة، (٣) وأما النزارية فهم لا يثبتونها بل يقولون إن الإمام غير مكلف بالفروع، ويجوز له كل ما أراد من السوء والفحشاء كاللواطة والزنا وشرب الخمر ونحوها.


(١) منها اختلافهم في عدد الأئمة أو تحديد المهدي. السيوف المشرقة
(٢) نبه المامقاني في غير موضع من كتابه (تنقيح المقال في أحوال الرجال) وهو أعظم كتب الشيعة في الحرج والتعديل على أن الذين كان قدماء الشيعة بأنهم من غلاة الشيعة ويجرحون رواياتهم بسبب ذلك صاروا يعدون الآن عند الشيعة المتأخرين بأنهم غير غلاة، لأن ما كان يسميه قدماء الشيعة غلوا في التشيع هو الآن من أصول العقيدة الإمامية، والشيعة في العصور المتأخرة كلهم على عقيدة الغلو، وليس لهم عقيدة غيرها: لذلك ذهب المامقاني إلى ضرورة العدول عن جرح روايات الذين كانوا يعدون غلاة، وأفتى بوجوب تعديلهم، لأن التشيع نفسه تطور وصار أهله الآن كلهم على مذهب الغلاة القدماء.
(٣) مقالات الإسلاميين: ص٢٧؛ الفرق بين الفرق: ص٤٧؛ الملل والنحل: ١/ ١٦٨