للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاتل لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في اليوم التاسع من ربيع الأول بزعمهم. (١) روى علي بن مظاهر الواسطي (٢) عن أحمد بن إسحاق (٣) أنه قال: هذا اليوم يوم العيد الأكبر ويوم المفاخرة، ويوم التبجيل، ويوم الزكاة العظمى، ويوم البركة، ويوم التسلية. (٤) وهذا أحمد (٥) أول من أحدث في الإسلام هذا العيد وتبعه إخوانه، ثم نسبوا هذا العيد للأئمة كذبا وافتراء كما هو دأبهم في كل المذهب، مع أن هذا العيد في الأصل من اعيد المجوس، وهم فرحوا فيه حين استمعوا خبر شهادة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على يد أخيهم المجوسي المذكور. (٦) مع أن شهادته كانت في اليوم الثامن والعشرين من ذي الحجة بلا اختلاف، ودفنه غرة المحرم، (٧) فلو كان الأئمة يتعبدون بهذا العيد لم يبدلوا اليوم. والشيعة معترفون بأن هذا العيد لم يكن في زمن الأئمة وإنما أحدثه أحمد المذكور.

الثالث: تعظيمهم (يوم النيروز) الذي هو من أعياد المجوس. (٨) قال ابن فهد في (المهذب) إنه أعظم الأيام، وقد صح عن أمير المؤمنين أن أحدا قد جاءه يوم النيروز بالحلوى والفالوذج فسأله: لم أتيت به؟ فقال: اليوم يوم النيروز، قال - رضي الله عنه -: نيروزنا كل يوم ومهرجاتنا كل يوم. (٩) وهذه إشارة إلى نكتة لطيفة أن حسن النيروز إنما هو الشمس تتوجه من معدل النهار بحركتها الخاصة على سكان العروض الشمالية وتقربهم، وبهذا تظهر


(١) الصحيح أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - طعن: «يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ودفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع وعشرين». تاريخ الطبري: ٢/ ٥٦١. لكن عند الإمامية تأريخ آخر، قال المجلسي: «ما ذكر من أن مقتله كان في ذي الحجة هو المشهور بين فقهائنا الإمامية». بحار الأنوار: ٩٨/ ١١٨.
(٢) علي بن حسن بن أحمد بن مظاهر الحلي، زين الدين، من تلامذة فخر الدين بن الحلي، ومن شيوخ الحر العاملي، نسب له صاحب الذريعة (مقتل عمر بن الخطاب)، مات في أواخر القرن الثامن الهجري. مستدرك أعيان الشيعة: ٧/ ١٦٦؛ أمل الآمال: ٢/ ١٧٨؛ الذريعة: ١/ ٢٣٦، ٧/ ١٠٢، ١٥/ ٢٨٩، ٢٢/ ٣٤.
(٣) أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعري، أبو علي القمي، كان الرسول بين القميين وأئمتهم فيأتي إليهم ويأخذ المسائل عنهم، ذكره الكليني فيمن رأى إمام الشيعة الغائب في كتاب الحجة من الكافي، وقال شيخ الطائفة: «وقد كان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة أصلا ومنهم أحمد بن إسحاق»!، له: (كتاب علل الصوم) و (مسائل الرجال). رجال النجاشي: ١/ ٢٣٤. الطوسي، الغيبة: ص ٤١٤.
(٤) نقل المجلسي عن الواسطي بإسناد متصل عن محمد بن العلاء الهمداني ويحيى بن محمد بن جريج قالا: «تنازعنا في ابن الخطاب فاشتبه علينا أمره فقصدنا أحمد بن إسحاق القمي صاحب أبي الحسن العسكري - عليه السلام - بمدينة قم وقرعنا عليه الباب، فخرجت إلينا صبية عراقية من داره، فسألناها عنه، فقالت: هو مشغول بعيده فإنه يوم عيد ... فلما خرج وسألاه عنه هذا اليوم - وكان التاسع من شهر ربيع الأول - فقال دخلت في مثل هذا اليوم على سيدي أبي الحسن علي بن محمد العسكري، فقال: إني لأعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين اسما، وكان يوم التاسع من شهر ربيع الأول قال أمير المؤمنين: هذا يوم الاستراحة ... » الخ. بحار الأنوار: ٣١/ ١٢٥ - ١٢٨.
(٥) أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد القمي الأحوص شيح الشيعة القميين ووافدهم زعموا أنه لقى من الأئمة أبا جعفر الثاني وأبا الحسن وكان خاصة أبي محمد، وزعموا أنه حصل على الشرف الأعظم برؤية صاحب الزمان الذي يدعون له بان يعجل الله فرجه. فهو موضع الثقة من الشيعة بل فوق ذلك.
(٦) هذا العيد من اختراع أحمد الواسطي، فليس في كتب الإمامية المتقدمة رواية منسوبة إلى الأئمة تخص هذا العيد.
(٧) {ومن يضلل الله فلن تجد له وليا مرشدا}.
(٨) بوب العاملي بابا في كتابه الوسائل (٨/ ١٧٢) بعنوان: (استحباب صلاة يوم النيروز والغسل فيه والصوم ولبس أنظف الثياب والطيب وتعظيمه وصب الماء فيه) وبوب له المجلسي أيضا في كتابه وأخرج عن المعلى بن خنيس عن الصادق أنه قال: «إذا كان النيروز فاغتسل والبس أنظف ثيابك وتطيب بأطيب طيبك وتكون ذلك اليوم صائما». بحار الأنوار: ٥٩/ ١٠١. ومع ذلك لديهم نهي الرسول عن أعياد المشركين فقد أخرج النوري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله تعالى أبدلكم بيومين يوم النيروز والمهرجان الفطر والأضحى». مستدرك الوسائل: ٦/ ٣٢.
(٩) أخرجها البيهقي في السنن الكبرى: ٩/ ٢٣٥؛ البخاري في التاريخ الكبير: ٤/ ٢٠٠؛ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: ١٣/ ٣٢٦. ومن الإمامية ابن حيون في دعائم الإسلام: ٢/ ٣٢٨؛ النوري في مستدرك الوسائل: ٦/ ٣٥٣