للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحب العسكر يسأله عن زرق الدجاج يجوز الصلاة فيه؟ فكتب: لا. وأيضا مخالف لقاعدتهم الكلية أن زرق الحلال من الحيوان نجس، نص عليه الحلي في المنتهى. (١)

[صفة الوضوء والغسل والتيمم]

ليس عندهم غسل كل الوجه فرضا، مع أن نص الكتاب يدل على غسله كله، قال تعالى {فاغسلوا وجوهكم} والوجه ما يواجه به، وهو من منبت قصاص الجبهة غالبا إلى آخر الذقن، ومن إحدى شحمتي الأذن إلى الأخرى. وقد قدروا حد الفرض في غسل الوجه ما يدخل بين الإبهام والوسطي إذا انجرت اليد من الجبهة إلى الأسفل، (٢) وليس لهذا التقدير أصل في الشرع اصلا، ولم تجئ فيه رواية عن الأئمة. والدليل على بطلانه أن الإبهام والوسطى لو جررناهما ممتدتين من الأعلى إلى الأسفل فإذا اتصلتا إلى الذقن لابد أن تحيطا من الحلق ببعضه من الطرفين، فيلزم أن يكون غسل ذلك القدر من الحلق فرضا أيضا، مع أن الحلق لم يعده أحد داخلا في الوجه، ولو بسطنا الإصبعين المذكورتين بمحاذاة الجبهة وقبضناهما بالتدريج فحد القبض لا يعلم أصلا، والتقديرات الشرعية تكون لإعلام المكلفين لا لتجهيلهم.

وأيضا يقولون: إن الوضوء مع غسل الجنابة حرام! (٣) وهذا الحكم مخالف لصريح السنة النبوية فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ في غسل الجنابة ابتداء دائما، ثم كان يصب الماء على البدن كما ثبت. (٤) ولروايات الأئمة: روى الكليني عن محمد بن مبشر عن أبي عبد الله - عليه السلام - والحسن بن سعيد (٥) عن الخضرمي عن أبي جعفر أنهما قالا: توضأ ثم تغتسل، حين سئلا عن كيفية غسل الجنابة. (٦)

وأيضا يقولون غسل النيروز سنة (٧) كما قاله ابن فهد. وهذا الحكم محض ابتداع في الدين، إذ لم ينقل في كتبهم أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والأمير والأئمة أنهم اغتسلوا يوم النيروز، بل لم يكن العرب يعلمون يوم النيروز لأنه من الأعياد الخاصة بالمجوس.

وأيضا يقولون: يجزئ غسل الميت الذي كان واجب القتل حدا أو قصاصا إذا غسل نفسه قبل قتله ولا يعاد عليه الغسل بعد القتل (٨) كما نص عليه بهاء الدين العاملي (٩) في جامعه. (١٠) وأنت خبير بأن علة الحكم قبل القتل غير متحققة البتة فكيف يترتب الحكم؟


(١) وأيضا في كتابه مختلف الشيعة: ١/ ٤٥٥.
(٢) الحلبي، الكافي: ص ٨٣؛ الهداية: ص ٦٢؛ مختلف الشيعة: ١/ ٢٨٧.
(٣) قال المفيد: «وليس على المجنب وضوء مع الغسل، ومتى اغتسل على ما وصفناه فقد طهر للصلاة، وإن لم يتوضأ قبل الغسل ولا بعده، وإن ارتمس في الماء للغسل من الجنابة أجزأه عن الوضوء للصلاة». المقنعة: ص ٦١؛ النراقي، مستند الشيعة: ١/ ١٢٨.
(٤) في صحيح البخاري أن ميمونة - رضي الله عنها - قالت: «وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضوءا لجنابة، فأكفأ بيمينه على شماله مرتين أو ثلاثا، ثم غسل فرجه ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثا، ثم مضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض على رأسه الماء ثم غسل جسده، ثم تنحى فغسل رجليه، قالت: فأتيته بخرقة فلم يردها فجعل ينفض بيده». كتاب الغسل، باب من توضأ في الجنابة: ١/ ١٠٦، رقم ٢٧٠.
(٥) في الأصل ابن سعد والتصحيح من كتب الإمامية.
(٦) أخرجه الطوسي في تهذيب الأحكام: ١/ ١٤٠؛ الاستبصار: ١/ ١٢٦.
(٧) في الوسائل للعاملي (٨/ ١٧٢) باب: (استحباب صلاة يوم النيروز والغسل فيه والصوم ولبس أنظف الثياب والطيب وتعظيمه وصب الماء فيه) وبوب له أيضا المجلسي وأخرج عن المعلى بن خنيس عن الصادق أنه قال في يوم النيروز: «إذا كان النيروز فاغتسل والبس أنظف ثيابك وتطيب بأطيب طيبك وتكون ذلك اليوم صائما». بحار الأنوار: ٥٩/ ١٠١.
(٨) قال ابن إدريس في حد تنفيذ القتل بالقاتل: «يجب أن يغتسل قبل موته ولا يجب غسله بعد موته وقتله، وهو المقتول قودا والمرجوم فإنهما يؤمران بالاغتسال فإذا اغتسلا قتلا ولا يجب غسلهما بعد قتلهما ويجب على من مسهما بعد القتل الغسل ... »، السرائر، باب الحدود: ١/ ٤٧١؛ وكذلك الحلي في شرائع الإسلام: ١/ ٨٢.
(٩) بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد بن محمد الحارثي الهمذاني العاملي، قال عنه الحر العاملي: «كان ماهرا متبحرا جامعا شاعرا ... »، مات سنة ١٠٣٠هـ. أمل الآمال: ١/ ١٥٥؛ أعيان الشيعة: ٩/ ٢٣٤.
(١٠) كتاب في الفقه اسمه الجامع العباسي.