للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[(مسائل تتعلق بالصلاة)]

يقولون يجوز للمصلي المشي في صلاته لوضع عجينه في محل لا يصل إليه كلب أو هرة ولو كان ذلك المحل بعيدا عن مصلاه مسافة عشرة أذرع شرعية، (١) مع ان العمل الكثير ولا سيما إذا لم يكن مما لا يتعلق بالصلاة مبطل لها لقوله تعالى {وقوموا لله قانتين فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون}.

وأيضا يقولون: من قرأ في الصلاة «وتعالى جدك» (٢) تفسد صلاته، (٣) مع أن قوله تعالى {وأنه تعالى جد ربنا} في سورة الجن تصح قراءتها في الصلاة.

وأيضا يقولون: تفسد الصلاة بقراءة بعض السور من القرآن كسورة حم تنزيل السجدة وثلاث سور أخرى، (٤) مع أن قوله تعالى {فاقرأوا ما تيسر من القرآن} يدل بمنطوقه على العموم. وهؤلاء الفرقة هم يرروون عن الأئمة أن الصلاة تصح بقراءة كل سورة من القرآن. والعجب أنهم يحكمون بجواز الصلاة بقراءة ما يعلمه المصلي أنه ليس من القرآن المنزل، بل هو بزعمهم محرف عثمان وأصحابه، مثل {أن تكون أمة هي أربى من أمة}.

وأيضا يجوز بعضهم الأكل والشرب في عين الصلاة كما صرح به فقيههم المعتبر صاحب (شرائع الأحكام) في كتابه هذا، (٥) مع أن الأخبار المتفق عليها مروية في المنع من الأكل والشرب في الصلاة، وهذا المقدر هو مجمع عليه بين هذه الفرقة أن شرب الماء في صلاة الوتر جائز لمن يريد أن يصوم غدا وعطش في تلك الصلاة. (٦)

وأيضا يقولون: لو باشر المصلي مباشرة فاحشة بامرأة حسناء وضمها إلى نفسه وألصق رأس ذكره بما يحاذى قبلها وسال المذي الكثير ولو إلى الساق جازت صلاته. وكذا ذكره الطوسي أبو جعفر وغيره من مجتهديهم. (٧) ولا يخفى أن هذه الحركات صريحة المخالفة لمقاصد الشرع ومنافية لحالة المناجاة بالبداهة.

وأيضا قالوا: إن لعب وعبث المصلي في عين الصلاة بذكره وأنثييه بحيث سال منه المذي فلا ضرر بذلك في الصلاة أصلا. (٨)


(١) أخرج العاملي عن الحلبي أنه سأل «أبا عبد الله - عليه السلام - عن الرجل يخطو أمامه في الصلاة خطوة أو خطوتين أو ثلاث، قال: نعم لا بأس». وسائل الشيعة: ٥/ ١٩١؛ وفي رواية أخرى أن الحلبي سأل الصادق «عن الرجل يقرب نعله بيده أو رجله في الصلاة؟ قال: نعم». وسائل الشيعة: ٧/ ٢٨٧.
(٢) عن أبي سعيد الخدري قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل واستفتح صلاته وكبر قال: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول لا إله إلا الله ثلاثا، ثم يقول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان». أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي.
(٣) روى ابن بابويه عن الصادق أنه قال: «أفسد ابن مسعود على الناس صلاتهم بشيئين، بقوله (تبارك اسمك وتعالى جدك) وهذا شيء قالته الجن بجهالة، فحكاه الله عنها، وبقوله (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) يعني في التشهد الأول، وأما الثاني بعد الشهادتين فلا بأس به ... ». من لا يحضره الفقيه: ١/ ٤٠١. وأخرج الرواية العاملي في وسائل الشيعة: ٦/ ٤٠٦.
(٤) سور لقمان وحم السجدة والنجم وسورة العلق، روى ابن بابويه عن الصادق أنه قال: «ولا تقرأ في الفريضة بشيء من العزائم الأربع». من لا يحضره الفقيه: ١/ ٣٠٦. وفسر الإمامية هذه الرواية بقولهم: «لأن في هذه السور سجودا واجبا إن يفعله تبطل الفريضة بالزيادة فيها». الطوسي، الاقتصاد: ص ١٨٠؛ الحلبي، الكافي: ص ١٨.
(٥) للمحقق الحلي ودليله: «لعدم وجود نص في إبطال الأكل والشرب للصلاة». شرائع الإسلام: ١/ ١٠١.
(٦) فقد روى ابن بابويه عن سعيد الأعرج أنه قال: «قلت لأبي عبد الله - عليه السلام - جعلت فداك إني أكون في الوتر وأكون قد نويت الصوم وأكون في الدعاء وأخاف الفجر، وأكره أن أقطع على نفسي الدعاء وأشرب الماء وتكون القلة أمامي، قال: فقال لي: فاخطِ إليها الخطوة والخطوتين والثلاث واشرب وارجع إلى مكانك، ولا تقطع على نفسك الدعاء». من لا يحضره الفقيه: ١/ ٤٩٤؛ العاملي، الوسائل: ٧/ ٢٨٠.
(٧) لأن رواياتهم تقول إن الحركة والمذي لا يبطلان الصلاة أو ينقضان الوضوء، فمثل هذه الحركة أيضا لا تبطلهما، روى الطوسي: «عن ابن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: ليس في المذي من الشهوة ولا من الانعاظ ولا من القبلة ولا من مس الفرج ولا من المضاجعة وضوء ولا يغسل منه الثوب ولا الجسد». تهذيب الأحكام: ١/ ١٩؛ الاستبصار: ١/ ١٧٤.
(٨) روى الكليني عن محمد بن مسلم قال: «سألت أبا جعفر - عليه السلام -: عن المذي يسيل حتى يصيب الفخذ؟ فقال: لا يقطع صلاته ولا يغسله من فخذه، إنه لم يخرج مخرج المذي إنما هو بمنزلة المخاط». الكافي: ٣/ ٤٠. وروى الطوسي بإسناده عن معاوية بن عمار قال: «سألت أبا عبد الله - عليه السلام -: عن الرجل يعبث بذكره في الصلاة؟ فقال: لا بأس به». تهذيب الأحكام: ١/ ٣٤٦.