للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متعطلا، والهدايا والتحف والإنعام والإحسان من الناس في حقه بعنوان كونه حاجا فتوح زائدة عليه. (١)

وأيضا يقول بعضهم: لا يجب ستر العورة في الحج وقد قال الله تعالى {خذوا زينتكم عند كل مسجد} والروايات الصريحة عن الأئمة ناصة على خلاف ذلك، (٢) ويجوزون الطواف عراة كرسم الجاهلية، ولكن يشترطون أن المرء يطين سوأتيه بطين بحيث يغطي لون البشرة ولو كانت تلك الأعضاء محكيه، ولا مناسبة لذلك بالملة الحنيفية أصلا. (٣)

والعجب أن الزنا عند طائفة منهم لو وقع بعد الإحرام في الحج لا يفسده. (٤) وهذا القبح ثمرة تجويزهم كشف العورة فيه، وكيف يكون ذلك والله تعالى يقول {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} ولا رفث فوق الزنا في العالم.

وأيضا يقولون: لو اصطاد في الإحرام متعمدا مرة يجب عليه الكفارة، ثم إذا فعل مرة أخرى فلا تجب. مع أن الجناية في المرة الأخرى تكون أزيد من المرة الأولى، ونص الكتاب قاض بالكفارة على العامد مطلقا؛ قال تعالى {ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم}. (٥)

[مسائل الجهاد]

يخصون الجهاد بمن كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو في زمن خلافة الأمير أو الإمام الحسن قبل صلحه مع معاوية أو مع الإمام الحسين أو من سيكون مع الإمام المهدي. (٦) ولا يجوز الجهاد عندهم في غير هذه الأوقات الخمسة، مع أن الجهاد ماض إلى يوم القيامة، والآيات النازلة في تأكيد الجهاد غير مقيدة بزمان، بل تدل على أن الجهاد في جميع الأوقات عبادة ومستوجب للأجر العظيم، مثل {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن


(١) يظهر أنه كان من عادات ذلك العصر التقدم بالهدايا والتحف إلى من يعود من الحج، لبعد الشقة وصعوبة المواصلات يومئذ، ولا سيما في مثل الأقاليم الهندية التي منها المؤلف عبد العزيز الدهلوي رحمه الله.
(٢) أخرج الإمام أحمد عن زيد بن أثيع قال: «سألنا عليا - رضي الله عنه - بأي شيء بعثت؟ يعني يوم بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أبي بكر - رضي الله عنه - في الحجة، قال: بعثت بأربع لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - عهد فعهده إلى مدته ولا يحج المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا». الإمام أحمد، المسند: ١/ ٧٩، رقم ٥٩٤؛ الترمذي، السنن، كتاب الحج، باب كراهية الطواف عريانا: ٣/ ٢٢٢، رقم ٨٧١. وأخرجه الإمامية أيضا بلفظ قريب عن ابن عباس، العاملي، وسائل الشيعة: ١٣/ ٤٤.
(٣) لأنه يمكن ستر العورة عندهم بطين كما سبق
(٤) قال ابن زهرة: «ومن وطئ قبل الوقوف بعرفة، وإن وطئ بعد الوقوف بالمشعر الحرام لم يفسد حجه وكان عليه بدنة .. ». الغنية: ص ١٥٩. وينظر ما قاله الحر العاملي في اللمعة الدمشقية: ٢/ ٣٥٦.
(٥) وكذلك الروايات المنقولة عن الأئمة في كتبهم. منها ما رواه ابن أبي عمير في (الصحيح) قال: «قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -: محرم أصاب صيدا؟ قال: عليه كفارة، قلت: فإن عاد؟ قال: عليه كلما عاد». الطوسي، تهذيب الأحكام: ٥/ ٣٧٢.
(٦) قال المجلسي: «ولا جهاد إلا مع الإمام». بحار الأنوار: ٩٩/ ١٠.