للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضا يقولون: يجوز للمرتهن الانتفاع بالمرهون. (١) وهو ربا محض.

وأيضا يقولون: إن ارتهن أحد أمة آخر يجوز له وطؤها، وهو محض الزنا. وأيضا إن رهن أحد أم ولده جاز، ومع هذا إن أجاز للمرتهن الوطء منها قبلا أو دبرا جاز أيضا، (٢) ولا تخفى شناعة هذه المسألة ومخالفتها لقواعد الشرع.

وأيضا يقولون: لو أحال دينه على آخر وهو لا يقبل لزمت الحوالة، نص عليه أبو جعفر الطوسي وشيخه ابن النعمان. (٣) وفي هذا الحكم غاية الغرابة، ولم يأت في باب من أبواب الشريعة أن يلزم دين أحد أحدا بلا التزامه، ولو جرى العمل على هذه المسألة لترتب عليه فساد عجيب، إذ يمكن لكل فقير أن يحيل دينه على الأغنياء والتجار في كل بلدة ويبرئ ذمته ويكون من ذلك أمر عجاب.

[مسائل الغصب والوديعة]

يقولون: لو غصب رجل مال غيره أو أودعه عند احد يجب على المودع إنكار تلك الوديعة بعد موت المودع. مع أن الله تعالى شدد في إنكار الأمانة، وإن كان ذلك المودع غاصبا فعليه ذنب غصبه، ولكن كيف يجوز لهذا الأمين إنكار أمانته والحلف بالكذب؟

وأيضا يقولون: إن لم يظهر مالك ذلك المغصوب بعد التفحص سنة واحدة يتصدق به على الفقراء، مع أن التصدق من مال الغير بلا إذنه لا يجوز في الشرع. قال تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك» (٤) وهو خبر صحيح نص عليه ابن المطهر الحلي. (٥)

وأيضا يقولون: إن غصب أحد مال غيره وخلطه بماله بحيث لا يمكن التمييز بينهما كاللبن المخلوط باللبن والسمن بالسمن والبر بالبر ونحوها يرد الحاكم ذلك المال كله إلى المغصوب منه، وهذا ظلم صريح، لأن المغصوب منه لا حق له في مال الغاصب، ولا يعالج الظلم بالظلم.

وأيضا إن أودع رجل أمته عند آخر وأجاز له وطئها متى شاء جاز للأمين أن يطأها متى شاء.


(١) قال الطوسي: «وإن أقرض شيئا وارتهن على ذلك وسوغ له صاحب الرهن الانتفاع به جاز له ذلك سواء كان ذلك متاعا أو مملوكا أو جارية أو أي شيء كان ... ». النهاية: ص ١١٦.
(٢) توقف الطوسي في هذا لكن غيره من فقهاء الإمامية أباح ذلك، قال ابن إدريس: «والذي عندي أنه إذا أباح المالك له وطأها من غير اشتراط في القرض ذلك، فإنه جائز حلال». السرائر: ٢/ ٦٥.
(٣) أي المفيد، نص عليه في المقنعة: ص ٢١٩؛ الطوسي، النهاية: ص ٣٢٣.
(٤) أحمد وأبو داود والترمذي؛ صحيح الجامع: رقم ٢٤٠.
(٥) رواه الإمامية عن الأئمة في الكافي: ٨/ ٢٩٣؛ وتهذيب الأحكام: ٦/ ٣٤٨.