للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضا يقولون إجماعا: إن وقف فرج الأمة صحيح، فتلك الأمة تخرج إلى الناس ليستمتعوا بها، وأجرة هذه المتعة حلال طيب لمن وقفت له. (١) فلم يبق فرق بين الشريعة وبين أسلوب الكفار الذين لا دين لهم.

[مسائل النكاح]

يقولون يستحب ترك النكاح مع التوقان وخوف الفتنة، مع انه خلاف سنة الأنبياء والأوصياء. نعم لم يكن الأنبياء والأوصياء يعلمون أن شبق الجماع يمكن أن يدفع بالمتعة، وبالفروج المعارة. (٢)

وأيضا يقولون: النكاح مكروه إذا كان القمر في العقرب (٣) أو تحت الشعاع وفي المحلق (٤) وهذا مخالف لمقاصد الشرع الذي جاء لإبطال النجوم.

وأيضا يقولون: إن وطء جارية لم يكمل لها تسع سنين حرام، وإن كانت ضخمة تطيق الجماع. (٥) ولا أصل لهذا الحكم في الشرع.

وأيضا يقولون: يجوز في النكاح المباح أن يشترط الناكح مرات الجماع في زمان معين ويكون لكل منهما مطالبة الآخر على وفق الشروط، (٦) وقد قال تعالى {ولا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا}.

وأيضا يجوزون الوطء في دبر المنكوحة أو المملوكة أو الأمة المعارة أو الموقوفة أو المودعة أو المستمتع منها، (٧) وقد قال الله تعالى {قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض} وإذا حرم الله تعالى الفرج لنجاسة الحيض، فكيف لا يكون الدبر الذي هو معدن النجاسة حراما لتلك العلة؟ وقد قال - صلى الله عليه وسلم - «ملعون من أتى امرأة في دبرها» (٨) وقال «اتقوا محاش النساء» (٩) أي ادبارهن، وهو خبر صحيح متفق عليه نص عليه المقداد.

وقد تعرض ههنا شبهة لبعض الجهلة بفن التشريح أن الفرج أيضا محل البول والنجاسة فلم أحل دون الدبر؟ وتدفع هذه الشبهة بأن المقرر في فن التشريح أن الفرج مشتمل على


(١) قال (المحقق) الحلي: «يصح وقف المملوكة، ينتفع بها مع بقائها ويصح قبضها». شرائع الإسلام: ٢/ ٤٤٤.
(٢) رغم أنهم يروون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أحب أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليستعفف بزوجة». أخرجه ابن بابويه، من لا يحضره الفقيه: ٣/ ٣٨٥.
(٣) نسبوا إلى الصادق أنه قال: «من تزوج والقمر في العقرب لم يرَ الحسنى». أخرجه الكليني، الكافي: ٨/ ٢٧٥؛ الطوسي، تهذيب التهذيب: ٧/ ٤٠٧.
(٤) رووا عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا أنه قال: «من أتى أهله في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد». الكليني، الكافي: ٥/ ٤٩٩؛ ابن بابويه، من لا يحضره الفقيه: ٣/ ٤٠٢؛ الطوسي، تهذيب الأحكام: ٧/ ٤١١. وقرر (المحقق) الحلي بأن الجماع مكروه في ثمانية أوقات: «ليلة خسوف القمر وليلة كسوف الشمس وعند الزوال وعند غروب الشمس حتى يذهب الشفق الحمر وفي المحاق وبعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وفي أول ليلة من كل شهر إلا في شهر رمضان، وفي ليلة النصف وفي السفر إذا لم يكن معه ماء يغتسل به وعند هبوب الريح ... ». شرائع الإسلام: ٢/ ٥٤٧؛ وينظر ما قاله العاملي، اللمعة الدمشقية: ٥/ ٩٣.
(٥) عن الصادق أنه قال: «لا يدخل بالجارية حتى يأتي لها تسع سنين أو عشر سنين». الكافي: ٥/ ٣٩٨؛ الطوسي، تهذيب التهذيب: ٧/ ٤١٠.
(٦) ينظر الينابيع الفقهية: ٣٨/ ٤٨٦.
(٧) أخرج الكليني عن صفوان بن يحيى قال: «قلت للرضا - عليه السلام -: إن رجلا من مواليك أمرني أن أسائلك عن مسألة هابك واستحيى منك أن يسألك، قال: وما هي؟ قلت: الرجل يأتي امرأته في دبرها؟ قال: له ذلك». الكافي: ٥/ ٥٤؛ وأخرجها أيضا الطوسي، تهذيب الأحكام: ٧/ ٤١٥.
(٨) أحمد وأبو داود؛ صحيح الجامع: رقم ٥٨٨٩
(٩) عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: استحيوا فإن الله لا يستحي من الحق، لا يحل إتيان النساء في حشوشهن». سنن الدارقطني: ٣/ ٢٨٨، رقم ١٦٠؛ الطحاوي، شرح معاني الآثار: ٣/ ٤٥؛ قال المنذري: «ورواته ثقات». الترغيب والترهيب: ٣/ ١٩٩. وحسنه في صحيح الجامع برقم ٩٣٤.