للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[(فرق الشيعة الإمامية)]

ثم اعلم أن أكثر الفرق الأربع الشيعة السبية، فقد انتشرت في جميع الربع المعمور، فلا تكاد ترى بلدا إلا وهو بها مغمور، والإمامية فرقة منها، وهي أيضا فرقة كبيرة وطائفة كثيرة، وقد انقسمت إلى تسع وثلاثين فرقة.

[(الحسنية)]

الأولى الحسنية يقولون: إن الحسن المجتبى هو الإمام بعد أبيه علي المرتضى، والإمام من بعده الحسن المثنى بوصية له، ثم ابنه عبد الله، ثم ابنه محمد الملقب بالنفس الزكية، (١) ثم أخوه إبراهيم بن عبد الله، (٢) وهذان خرجا في عهد المنصور الدوانيقي (٣) ودعوا الناس إلى متابعتهما فتبعهما خلق كثير. واستشهدوا بعد حرب شديد على يد بعض أمراء الدوانقي رحمة الله عليهما. وقد ظهرت هذه الفرقة ستة مائة وخمس وتسعين.

[(النفسية)]

الثانية النفسية: وهي طائفة من الحسنية يقولون إن النفس الزكية لم يقتل بل غاب واختفى وسيظهر بعد. (٤)

[(الحكمية)]

الثالثة الحكمية: ويقال لها (الهشامية) أيضا، وهم أصحاب هشام بن الحكم (٥) يقولون بإمامة الحسين بعد أخيه الحسن، ثم بإمامة أولاده على الترتيب المشهور إلى الصادق، وقد ظهرت سنة مائة وتسع. (٦)

[(السالمية)]

الرابعة السالمية: ويقال لها أيضا «الجواليقية» وهم أصحاب هشام بن سالم الجواليقي (٧) وهم في الإمامية كالحكمية، وفي الاعتقاد مختلفون: فالحكمية يقولون: إن الله عزوجل جسم طويل عريض عميق متساوى الأبعاد غير مصور بالصور المتعارفة، وهم يقولون جسم مصور بصورة الانسان، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. وقد ظهرت سنة مائة وثلاث عشرة. (٨)

[(الشيطانية)]

الخامسة الشيطانية: ويقال لها «النعمانية» أيضا أصحاب محمد بن نعمان الصيرفي


(١) هو محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، خرج في خلافة المنصور بالمدينة، فقتل سنة ١٤٥هـ، وادعى أعوانه عدم موته وأنه المهدي. الملل والنحل: ١/ ١٧٦ سير أعلام النبلاء: ٦/ ٢١٠؛ تهذيب التهذيب: ٩/ ٢٢٤.
(٢) قتله أيضا المنصور العباسي سنة ١٤٥هـ بعد خروجه في البصرة. الطبري، التاريخ: حوادث سنة ١٤٥؛ سير أعلام النبلاء: ٦/ ٢١٨.
(٣) الخليفة المنصور
(٤) الفصل: ٤/ ١٣٧؛ التبصير في الدين: ص ٣١.
(٥) هو هشام بن الحكم الشيباني الكوفي، سكن بغداد، قال الحافظ ابن حجر: «كان من كبار الرافضة ومشاهيرهم يزعم أن ربه طوله سبعة أشبار بشبر نفسه»، توفي نحو ١٩٠هـ. لسان الميزان: ٦/ ١٩٤، وقال عنه ابن قتيبة: «كان من الغلاة ويقول بالجبر الشديد ويبالغ في ذلك ويجوز المحال الذي لا يتردد في بطلانه ذو عقل». تأويل مختلف الحديث. وهو عند الشيعة الإمامية من أشهر رواتهم وأوثقهم، ويروون مدحه عن أئمة أهل البيت، وأن الصادق دعى له بقوله: «أقول لك ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحسان: لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك». بحار الأنوار: ٢١/ ٣٨٨، وأنه قال له: «هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده»، بحار الأنوار: ٢١/ ٢٩٥. لكن هناك روايات تكذبها منها ما أخرجه الكليني عن: «علي بن حمزة قال قلت لأبي عبد الله - عليه السلام - سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم أن الله جسم صمدي نوري معرفته ضرورة يمنّ بها على من يشاء من خلقه، فقال - عليه السلام -: سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو {ليس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}». الكافي: ١/ ١٠٤. والجرح مقدم على التعديل، وهذا يظهر كثرة تناقض أخبارهم. وينظر: ابن النديم، الفهرست: ص٢٤٩؛ الأشعري، مقالات الإسلاميين: ص٣١؛ الشهرستاني، الملل والنحل: ١/ ١٨٤.
(٦) مقالات الإسلاميين: ١/ ٣١؛ الفرق بين الفرق: ص ٢١٦؛ الملل والنحل: ١/ ٧٢
(٧) هشام بن سالم الجواليقي العلاف، زعم أن معبوده على صورة الإنسان. الفرق بين الفرق: ص٢١٦؛ الملل والنحل: ١/ ١٨٥. وهو من ثقات الرواة عن الصادق عند الإمامية قال عنه النجاشي: «ثقة ثقة». رجال النجاشي: ٢/ ٣٣٩، وذكره الكشي في رجاله: ص ٢٨١ ..
(٨) التبصير في الدين: ص ١٣٣ تلبيس إبليس: ص ١٠٤.