للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من غير عقاب وقد قال تعالى {ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} وكثير من روايات الأئمة توافق هذه الآية، ولكن من أضله الله تعالى لا تنفعه الهداية.

ومن تعصباتهم أنهم يقولون: إنما أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر معه حين هاجر من مكة لئلا يعلم كفار قريش بخروجه وطريق ذهابه. (١) ويرده قوله تعالى {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} فقد حكى الله تعالى حزنه على الرسول وتسلية الرسول - صلى الله عليه وسلم - له. وقال عبد الله المشهدي أحد روساء الشيعة: الحق أن هذا الاحتمال، أي إخراج الرسول له لئلا يعلم كفار قريش بخروج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعيد جدا ولعل النبي ألف صحبته لسبقه في الإسلام وملازمته للرسول - صلى الله عليه وسلم -. وقال المفسر النيسابوري: (٢) ثم إننا لا ننسى أن اضطجاع علي على فراشه - صلى الله عليه وسلم - طاعة وفضيلة، إلا أن صحبة أبي بكر أعظم، لأن الحاضر أعلى من الغائب، ولأن عليا ما تحمل المحنة إلا ليلة واحدة وأبو بكر مكث في الغار أياما، وإنما اختار عليا للنوم في فراشه لأنه كان صغيرا لم تظهر منه دعوة بالدليل والحجة وجهاد بالسيف والسنان، بخلاف أبي بكر فإنه دعا في جماعة إلى الدين، وقد ذب عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالنفس والمال، وكان غضب الكفار على أبي بكر أشد من غضبهم على علي، ولهذا لم يقصدوا عليا بضرب وألم لما عرفوا أنه مضطجع. انتهى.


(١) روى القمي ونقله عنه معظم مفسريهم عن أبي عبد الله: «قال لما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الغار قال لفلان [لأبي بكر]: كأني أنظر إلى سفينة جعفر في أصحابه يقوم في البحر وأنظر إلى الأنصار محتسبين في أفنيتهم، فقال فلان [أبو بكر]: وتراهم يا رسول الله؟ قال نعم، قال: فأرينهم فمسح على عينيه فرآهم فقال في نفسه: الآن صدقت أنك ساحر، فقال له رسول الله: أنت الصديق». تفسير القمي: ١/ ٢٩٠
(٢) محمود بن أبي الحسن النيسابوري، عالم له تفسير (إيجاز البيان في معاني القرآن) ثم شرحه، توفي سنة ٥٥٠هـ. معجم الأدباء: ٧/ ١٤٥؛ طبقات المفسرين: ص ٤٢٤.