للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فالهدى كل الهدى، مما لم تر الإنسانية مثله - قبله ولا بعده - هو الذي تلقاه الصحابة عن معلم الناس الخير. وكان الصحابة به خير أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بشهادته هو لهم وصدق رسول الله. أما الذين يدعون خلاف ذلك فهم الكاذبون.

إن الخير كل الخير فيما كان عليه أصحاب رسول الله، وإن الدين كل الدين ما اتبعهم عليه صالحو التابعين، ثم مشى على آثارهم فيه التابعون لهم بإحسان.

ومن أحط أكاذيب التاريخ زعم الزاعمين أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يضمر العداوة بعضهم لبعض. بل هم كما قال الله سبحانه في سورة الفتح - ٢٩: {أشداء على الكفار رحماء بينهم}. وكما خاطبهم ربنا في سورة الحديد ١٠: {ولله ميراث السماوات والأرض * لا يستوى منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل، أولئك أعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا، وكلا وعد الله الحسنى} ولا يخلف الله وعده. وهل بعد قول الله عز وجل في سورة آل عمران ١١٠: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} يبقى مسلما من يكذب ربه في هذا، ثم يكذب رسوله في قوله: «خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم ... »؟!. في صدر هذه الأمة حفظ الله كتابه بحفظته أمينا عن امين، حتى أدوا أمانة ربهم بعناية لم يسبق لها نظير في أمة من الأمم، فلم يفرطوا في شيء من ألفاظ الكتاب على اختلاف الألسنة العربية في تلاوتها ونبرات حروفها، تنوع مدودها وإمالاتها، إلى أدق ما يمكن أن يتصوره المتصور. فتم بذلك وعد الله عز وجل في سورة الحجر ٩: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}.

ومن صدر هذه الأمة تفرغ فريق من الصحابة فالتابعين وتلاميذهم لحمل أمانة السنة فكانوا يمحصون أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويذرعون أقطار الأرض ليدركوا الذين سمعوها من فم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيتلقوها عنهم كما يتلقون أثمن كنوز الدنيا. بل كانت دار الإمارة في المدينة المنورة منتدى الفقهاء الأولين في صدر الإسلام يجتمعون إلى أميرهم مروان