للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آنفا، وينكرون أيضا المعاد، ويؤولون النصوص بما تهوى أنفسهم، وينكرون نبوة بعض الأنبياء، ويوجبون لعنهم والعياذ بالله تعالى. (١)

[(الجنابية)]

الحادية والعشرون الجنابية: أتباع أبي طاهر الجنابي، وهم كالقرامطة في الإمامة، وينكرون المعاد والأحكام بأسرها، ويوجبون قتل من يعمل بها ولذا قتلوا الحجاج، وقلعوا الحجر الأسود، (٢) وعدهم غير واحد فرقة من القرامطة، كما أنهم عدوا القرامطة فرقة من الإسماعيلية. (٣)

[(السبعية)]

الثانية والعشرون السبعية: وهم أيضا من الإسماعيلية، يقولون: إن الأنبياء الناطقين بالشرائع سبعة: آدم وأولو العزم الخمسة والمهدي، وأن بين كل رسولين سبعة رجال آخرين يقيمون الشريعة السابقة إلى حدوث اللاحقة، وإسماعيل بن جعفر كان أحد هؤلاء السبعة، وهم المقيمون للشريعة بين محمد - صلى الله عليه وسلم - والمهدي المنتظر وهو آخر الرسول بزعمهم. وزعموا أنه لا يخلو الزمان عن واحد من أولئك الرجال. (٤)

[(المهدوية)]

الثالثة والعشرون المهدوية: زعموا أن الإمامة بعد إسماعيل لابنه محمد الوصي، (٥) ثم لابنه أحمد الوفي، (٦) ثم لابنه محمد التقي، وفي بعض الكتب: قاسم التقي، (٧) ثم لابنه عبيد الله (٨) الرضي، (٩) ثم لابنه أبي القاسم عبد الله، (١٠)

ثم لابنه محمد الذي لقب نفسه بالمهدي، (١١) وقد


(١) تاريخ الطبري: ٥/ ٣٣٢؛ البداية والنهاية: ١١/ ١٨ وما بعدها.
(٢) تفاقم أمرهم حتى استحلوا المسجد الحرام سنة ٣١٧هـ، فسفكوا دم الحجيج وسط المسجد حول الكعبة، وكسروا الحجر الأسود واقتلعوه من مكانه وأخذوه إلى البحرين، وبقي عندهم إلى سنة ٣٣٩هـ، قال ابن كثير: «وكل ذلك من ضعف الخليفة وتلاعب الترك بمنصب الخلافة واستيلائهم على البلاد وتشتت الأمر». البداية والنهاية: ١١/ ٦٣.
(٣) الفرق بين الفرق: ص٢٦٧؛ منهاج السنة النبوية: ٦/ ٣٤٣.
(٤) اعتقادات فرق المسلمين: ص٨٠؛ تلبيس إبليس: ص١٢٥؛ منهاج السنة النبوية: ٣/ ٤٨١.
(٥) ومن المعروف أن محمد بن إسماعيل مات ولم يخلف ولدا، لكن يعتقد الإسماعيلية أنه ترك ابنا سماه محمدا، وهو من الأئمة (المستورين).
(٦) وهو الإمام الثامن عند الإسماعيلية رغم أن محمد بن إسماعيل لم يعقب، إلا أن الإمامية والإسماعيلية أثبتوا له ولدا اسمه عبد الله أو أحمد واختلفوا في اسمه، فهو أحمد عند الإمامية وعبد الله عند الإسماعيلية الذين يعتقدون إمامته ويلقبونه بأحمد الوفي ويؤرخون ولادته بسنة ١٥٩هـ، لكنهم يعترفون بأنه يعرف بين الناس باسم عبد الله بن ميمون القداح! وكان ذلك كما ادعوا لإخفاء شخصيته كما ذكر مؤرخهم عارف تامر في تاريخ الإسماعيلية: ١/ ١٣٠. وهذا دليل صريح على فساد مذهبهم وبعدم وجود ابن أصلا لمحمد بن إسماعيل بن جعفر. فسلك القداح مقالة (غيبة الإمام) قبل الإمامية باعتباره لحل معضلة موت الإمام بلا ذرية. ومن ثم فإن الشيعة الإمامية قالوا بغيبة الإمام بعد أن مات الحسن بن علي (العسكري) بلا ذرية، وبهذا يتضح تلفيق العبيديين لنسبهم، فهم يعودون إلى القداح الفارسي مولاهم المخزومي لا إلى البيت العلوي، وهذا النسب هو ما ذهب إليه الباقلاني. ينظر: النجوم الزاهرة: ٤/ ٧٦.
(٧) واسمه عند الإسماعيلية: أحمد بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل ولقبه (محمد التقي)، وهو الإمام التاسع عند الإسماعيلية ومن الأئمة المستورين عنده، ولد سنة ١٧٩هـ وفق قولهم. مات (محمد التقي) على قول مؤرخهم عارف تامر سنة ٢٢٥هـ. تاريخ الإسماعيلية: ١/ ١٣٢. ولا يظهر وجود ترجمة له إلا في هذا الكتاب. وهو ابن القداح رغم ادعائه النسب العلوي.
(٨) نقل الدكتور برنارد لويس في كتابه (أصول الإسماعيلية) ص ٧٤ من الترجمة العربية على كتاب (غاية المواليد) - وهو من كتب الإسماعيليين السرية - اعترافا لهم بأن عبيد الله لم يكن علويا، ثم بسط الدكتور برنارد لويس الكلام في ص ١١٧ وما بعدها على «الأبوة الروحانية» أو «النكاح الروحاني» عند الإسماعيلية، واستعمالهم كلمتي «أب» و «ابن» في غير معناهما الحقيقي. وهو بحث مهم فارجع إليه، ومنه تعلم أن نسب العبيديين الروحاني لمحمد بن إسماعيل، وإن كان نسبهم الحقيقي بدمائهم لميمون القداح.
(٩) والمحقق أنه الحسين بن أحمد بن عبد الله بن ميمون القداح الأهوازي، يعرف عند الإسماعيلية برضي الدين عبد الله، وهو الإمام العاشر عندهم، وفي عهده تأسس النظام السياسي للدعوة الميمونية الباطنية التي سميت لاحقا بالدعوة العبيدية (الفاطمية) فأرسل أبو عبد الله الشيعي إلى المغرب، ومات سنة ٢٨٩هـ على قول الإسماعيلية. تاريخ الإسماعيلية: ١/ ١٣٣.
(١٠) المعروف أن الأئمة المستورين ثلاثة عند الإسماعيلية: أحمد الوفي ومحمد التقي وعبد الله الرضي، أما أبو القاسم هذا فهو اسم آخر لمحمد المهدي فهو اسمه المستور قبل أن يستولي على بعض بلاد المغرب ..
(١١) أما عند ابن خلكان فاسمه أبو محمد عبيد الله الملقب بالمهدي، قال الذهبي: «أول من قام من الخلفاء الخوارج العبيدية الباطنية الذين قلبوا الإسلام وأعلنوا بالرفض وأبطنوا مذهب الإسماعيلية وبثوا الدعاة يستغوون الجبلية والجهلة»، وقد مهد له أبو عبد الله الشيعي وهو من دعاة الباطنية الطريق في إفريقية، وخلصه من أسر القبائل، ويذكر ابن خلكان أن المهدي هذا قد قتل في الأسر في سجلماسة، «فخاف أبو عبد الله الشيعي أن ينتقض عليه ما دبره إن علمت العساكر بقتل المهدي، فأخرج رجلا كان يخدمه وقال: هذا هو المهدي». ومهما يكن فلا صلة له بلبيت العلوي، لكنه بويع للخلافة بالمغرب سنة ٢٩٦هـ، ولما استتب له الأمر قتل أبا عبد الله الشيعي وقتل أخاه بتهمة المؤامرة، ثم بنى مدينة المهدية بإفريقية وفرغ منها سنة ٣٠٨هـ، وبقي في الحكم خمسا وعشرين عاما، ومات سنة ٣٢٢هـ. وفيات الأعيان: ٣/ ١١٧؛ سير أعلام النبلاء: ١٥/ ١٤١.