للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الجد (١) روَّح الله روحَه في كتابه (نهج السلامة) بعد عدِّه فرق الإمامية: ثم اعلم أن الاثني عشرية المعروفين اليوم على علاتهم في الاعتقادات أهون شرا بكثير من كثير من فرق الإمامية وسائر الشيعة، فهم في معظم الاعتقاديات متطفلون على المعتزلة (٢) وقول الخواجة نصير الدين الطوسي (٣) المتكلم - على ما نقله عنه تلميذه ابن المطهر الحلي (٤) - أنهم مخالفون لجميع الفرق في ذلك مما يتعجب منه المطلع على اعتقاداتهم، وأعجب من ذلك جعله تلك المخالفة دليلا على أنهم الفرقة الناجية.

[(الشيخية أو الأحمدية)]

ثم قال العلامة الجد عليه الرحمة: قد ظهرت في هذه الأعصار من الاثني عشرية طائفة يقال لهم الشيخية، وقد يقال لهم «الأحمدية»، وهم أصحاب الشيخ أحمد الأحسائي، ترشح كلماتهم بأنهم يعتقدون في الأمير كرم الله تعالى وجهه نحو ما يعتقد الفلاسفة في العقل الأول، بل أدهى وأمر. (٥)

[(الرشتية الكشفية)]

وطائفة أخرى يقال له الرشتية، وكثيرا ما يقال لها «الكشفية»، وهو لقب لقبهم به بعض وزراء الزوراء (٦) أعلى الله تعالى درجته في أعلى عليين، وهم أصحاب السيد كاظم الحسيني الرشتي، (٧) وهو تلميذ الأحسائي وخريجه، لكن خالفه في بعض المسائل، وكلماته ترشح بما هو أدهى وأمر مما ترشح به كلمات شيخه، حتى إن الاثنى عشرية يعدونه من الغلاة، وهو يبرأ مما تشعر به ظواهر كلماته. قال عليه الرحمة: وقد عاشرته كثيرا فلم أدرك فيه ما يقول فيه مكفروه من علماء الاثني عشرية. نعم عنده على التحقيق غير ما عندهم في الأئمة وغيرهم مما يتعلق بالمبدأ والمعاد. ولقد وجدت أكثر ما يقرره ويحرره مما لا برهان له سوى سراب شُبه يحسبه الظمآن ماء، ولا أظن أن مخالفاته لشيخه تجعله وأصحابه القائلين بقوله فرقة غير الشيخية.


(١) وهو الشهاب محمود الآلوسي صاحب تفسير (روح المعاني)
(٢) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (٢: ٢٤): كان قدماء الشيعة متفقين على إثبات القدر والصفات. وإنما شاع فيهم رد القدر من حين اتصلوا بالمعتزلة في دولة بني بويه
(٣) كان عالما بالعلوم العقلية والفلسفة، ومن غلاة الباطنية والمقربين لهولاكو، فكان يشاوره، وهو الذي اقترح على هولاكو استباحة بغداد وإسقاط الخلافة العباسية، مات سنة ٦٧٢هـ. شذرات الذهب: ٥/ ٣٣٩؛ مفتاح السعادة: ١/ ٢٦١؛ طبقات أعلام الشيعة: ص ١٢.
(٤) من علماء الإمامية. ألف كتاب (منهاج الكرامة) الذي رد عليه ابن تيمية في (منهاج السنة النبوية)، مات سنة ٧٢٦هـ. الدرر الكامنة: ٢/ ٧١؛ لسان الميزان: ٢/ ٣١٧.
(٥) تنسب إلى أحمد الأحسائي، ولد سنة ١١٥٧هـ/ ١٧٤٤م في الإحساء، وانتقل إلى إيران ومات سنة ١٢٤٢هـ/ ١٨٢٧م، كان يعد حلوليا، ومن عبدة علي. دائرة المعارف الإسلامية: ١/ ٣٣٨.
(٦) والي بغداد علي رضا.
(٧) من تلاميذ أحمد الأحسائي، وينسب إلى رشت بإيران، سكن كربلاء، ومذهبه امتداد لمذهب شيخه، مات سنة ١٢٥٩هـ/ ١٨٤٣م) دائرة المعارف الإسلامية: ١/ ٤٤٨؛ الأعلام: ٥/ ٢١٦.