للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الشيخ المرزوقي الفاسي: السماع حرام كالميتة، اللهم إلا إذا كان فيه تشويق إلى العبادة وترغيب إلى الطاعة وترهيب عن النيران وعذاب الله تعالى فهو جائز عند البعض. وإن أردت تحقيق الحق في هذا المقام فارجع إلى (روح المعاني) تفسير جدنا روّح الله تعالى روحه عند الكلام على قوله تعالى {وإذا رأوا تجارة أو لهوا أنفضوا إليها} الآية. فإنك ترى فيه ما يروى الغليل ويشفي العليل. (١) على أن الشيخ المقتول من الشيعة ذكر في كتاب (الدروس) أنه يجوز الغناء بشروطه في العرس، وتلك الشروط هي أن يكون المسمع أمرأة، وأن يكون شعرا في الهجاء. كذا في شرح القواعد). وهذا مما يقضى منه العجب ويزيد الطرب، وقد طعنوا أنفسهم وأصابهم سهمهم، وكفى الله المؤمنين والحمد لله سبحانه في كل حين.

ومكائدهم لا تحصى ولا تعد، ولا ترسم ولا تحد. والذى ذكرناه عشر من معشار وقطرة من بحار. وقد تركت كثيرا مما ذكر في أصل الكتاب، استغناء بذكر ذلك في بقية الأبواب.

[الباب الثاني في بيان أقسام أخبار الشيعة وأحوال رجال أسانيدهم وطبقات أسلافهم وما يتبع ذلك في بيان أقسام أخبار الشيعة وأحوال رجال أسانيدهم وطبقات أسلافهم وما يتبع ذلك]

[في ذكر أقسام أخبارهم]

أما أقسام (أخبارهم) فاعلم أن أصولها عندهم أربعة: صحيح وحسن وموثق وضعيف.

أما (الصحيح) فكل ما اتصل رواته بالمعصوم بواسطة عدل إمامي، (٢) وعلى هذا فلا يكون المرسل والمنقطع داخلا في الصحيح لعدم اتصالهما وهو ظاهر، مع إنهم يطلقون عليها لفظ الصحيح، كما قالوا: روى ابن عمير (٣) في الصحيح كذا وكذا. ولا يعتبرون «العدالة» في إطلاق الصحيح، فإنهم يقولون: رواية مجهول الحال (٤) صحيحة كالحسين بن الحسن بن أبان (٥) فإنه مجهول الحال نص عليه الحلي في (المنتهى) (٦) مع أنها مأخوذة في تعريفه. وكذا


(١) ينظر إغاثة اللهفان لابن القيم: ص ٢٢٧.
(٢) هذا تعريف الإمامية. قال العاملي: «الحديث الصحيح: هو ما اتصل سنده إلى المعصوم بنقل العدل الضابط عن مثله في جميع الطبقات». الدراية: ص ١٩.
(٣) هو محمد بن أبي عمير زياد بن عيسى، أبو أحمد الأزدي قال عنه النجاشي: «لقي أبا الحسن موسى - عليه السلام -، وسمع منه أحاديث كناه فقال: يا أبا أحمد، وروى عن الرضا - عليه السلام -، جليل القدر عظيم المنزلة فينا، وعند المخالفين» يعني أهل السنة. ذكره ابن حجر وقال عنه: مجهول، وقد حبسه الرشيد ثم المأمون فادعى الإمامية: «أن أخته دفنت كتبه في حالة استتارها، وكونه في الحبس أربع سنين فهلكت الكتب، وقيل بل تركتها في غرفةٍ فسال عليها المطر فهلكت فحدث من حفظه، ومما كان سلف له في أيدي الناس، فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله»، مات ابن أبي عمير سنة ٢١٧هـ. رجال النجاشي: ٢/ ٢٠٤؛ تنقيح المقال: ٤/ ١١٣؛ الذريعة: ١/ ٢٨٣؛ لسان الميزان: ٥/ ٣٣١.
(٤) مجهول الحال أو المستور عند أهل المصطلح: من روى عنه اثنان فأكثر، ولكنه لم يوثق. المنهل الروي: ص ٦٦؛ تدريب الراوي: ١/ ٣١٦.
(٥) ذكره الطوسي في رجاله: (ص ٤٣٠)، ولم تثبت روايته عن أي من الأئمة في كتب الإمامية، وصنفه ابن داود ضمن قسم الموثقين من كتابه (ص ١٧)، واعترض عليه بأنه غير مذكور بمدح ولا قدح، لكن البهائي برر وجوده وغيره من المجهولين في كتب الإمامية فقال: «قد يدخل في أسانيد بعض الأحاديث من ليس له ذكر في كتب الجرح والتعديل بمدح ولا قدح، غير أن أعاظم علمائنا المتقدمين قد اعتنوا بشأنه وأكثروا الرواية عنه، وأعيان مشائخنا المتأخرين قد حكموا بصحة روايات هو في سندها والظاهر أن هذا القدر كافٍ في حصول الظن بعدالته»، وهكذا خرّج الإمامية لكثير من المجاهيل، لأن روايتهم في كتبهم كثيرة! رغم اعتراف المتقدمين أن الحسين بن الحسن بن أبان لم يلقَ أحدا من الأئمة المعصومين عندهم. أعيان الشيعة: ٥/ ٤٦٩.
(٦) كتاب (منتهى المطلب في تحقيق المذهب) لابن المطهر الحلي (ت ٧٢٦هـ)، قال الطهراني: ذكر فيه مذاهب جميع المسلمين في الأحكام وحججهم عليها والرد على غير ما يختاره، وهو مطبوع في مجلدين. الذريعة: ٢٣/ ١١.