للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رغبوا إلى معاوية لدنياه، وتركوا نصرة الإمام، مع أنهم كانوا يدعون أنهم من شيعته المخصوصين، وشيعة أبيه، وأنهم احدثوا مذهب التشيع وأسسوه. ذكر ذلك السيد المرتضى في كتابه (تنزيه الأنبياء والأئمة) عند ذكر عذر الإمام الحسن عن صلح معاوية وخلع نفسه من الخلافة وتفويضها إليه. (١)

وذكر أيضا نقلا عن كتاب (الفصول) (٢) للإمامية أن رؤساء هذه الجماعة كانوا يكاتبون معاوية خفيا على الخروج للمحاربة مع الإمام، بل بعضهم أراد الفتك به - رضي الله تعالى عنه -. فلما تحققت هذه الأمور عنده رضي بالصلح مع معاوية وخلع الخلافة عن نفسه. (٣)

[الطبقة الرابعة]

هم أكثر أهل الكوفة الذين طلبوا حضرة السبط الأصغر وريحانة سيد البشر الإمام الحسين - رضي الله تعالى عنه -، وكتبوا إليه كتبا عديدة في توجيه إلى طرفهم، فلما قرب من ديارهم مع الأهل والأقارب والأصحاب وأخذت الأعداء تؤجج نيران الحرب في مقابلته، تركه أولئك الكذابون وتقاعدوا عن نصرته وإعانته، مع كثرة عدد الأعداء وقوة شوكتهم. بل رجع اكثرهم مع الأعداء خوفا وطمعا، وصاروا سببا لشهادته وشهادة كثير ممن معه وآذوه أكثر مما آذى المشركون الأنبياء، حتى مات الأطفال والصبيان الرضع من شدة العطش، وأعروا ذوات الخدر والمستورات بالحجب من بيت النبوة وأطافوهم في البلاد والقرى والبوادى، وقد نشا ذلك من غدرهم وعدم وفائهم ومخادعتهم {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}.

[الطبقة الخامسة]

هو الذين كانوا في زمن استيلاء المختار (٤) على العراق والبلاد الأخر من تلك الأقطار، وكانوا معرضين عن الإمام السجاد لمافقته المختار، وينطقون بكلمة محمد بن الحنفية ويعتقدون إمامته، مع أنه لم يكن من أولاد الرسول ولم يقم دليل على إمامته. وهذه الفرقة قد خرجت في آخر الأمر على الدين وحادت عن جادة المسلمين بما قالوا من نبوة المختار ونزول الوحي إليه. (٥)

[الطبقة السادسة]

هم الذين حملوا زيدا الشهيد على الخروج، وتعهدوا بنصرته


(١) فقد قال المرتضى: «فأظهروا له (- عليه السلام -) النصرة وحملوه على المحاربة والاستعداد لها طمعا في أن يورطوه ويسلموه ... ». تنزيه الأنبياء: ص ٢٢١.
(٢) كتاب (الفصول المهمة في إثبات الأئمة) لمحمد بن الحسن المعروف بالحر العاملي (ت ١١٠٤هـ)، طبع بطهران سنة ١٣٠٤هـ. الذريعة: ١٦/ ٢٤٦.
(٣) تنزيه الأنبياء: ص ٢٢٢.
(٤) المختار بن أبي عبيد الثقفي، قال الذهبي: «الكذاب لا ينبغي أن يروى عنه شيئا لأنه ضال مضل كان يزعم أن جبرائيل - عليه السلام - ينزل عليه، وكان ممن خرج على الحسن بن علي بن أبي طالب في المداين ثم صار مع ابن الزبير بمكة فولاه الكوفة فغلب عليها ثم خلع ابن الزبير ودعا على الطلب بدم الحسين فالتفت عليه الشيعة وكان يظهر لهم الأعاجيب ثم جهز عسكرا مع إبراهيم بن الأشتر إلى عبيد الله بن زياد وقتله سنة خمسوستين ثم توجه بعد ذلك مصعب بن الزبير إلى الكوفة فقاتله فقتل المختار سنة سبع وستين»، وقال ابن حجر: «ويقال إنه الكذاب الذي أشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوله يخرج من ثقيف كذاب ومبير والحديث في صحيح مسلم». ميزان الاعتدال: ٦/ ٣٨٦؛ لسان الميزان: ٦/ ٦.
(٥) ويعد الإمامية الآن المختار من المناضلين ضد الباطل. أخرج الكشي عن أبي جعفر [محمد الباقر] قال: «لا تسبوا المختار فإنه قتل قتلتنا، وطلب بثأرنا، وزوج أراملنا، وقسم فينا المال على العسرة». رجال الكشي: ص ١٢٥؛ رجال ابن داود: ص ٥١٣. قال الأعلمي: «وما ورد في ذمه إنما أعداؤه عملوا له المثالب ليباعدوه من قلوب الشيعة». دائرة المعارف الشيعية العامة: ١٧/ ٢٤.