للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عناصر الدرس]

* الفصاحة وموصوفاتها.

هذا يقول: الذي لم يدرس البلاغة قطعًا الذي يحفظه، إن كان عنده همة على ((الجوهر المكنون)) فبه يبدأ، لماذا؟

لأنه قد يقول: أحفظ ((مائة المعاني)) وأحفظ ((عقود الجمان))، قد يموت وما حفظ ((عقود الجمان)) سويت، وقد لا يجد من يشرحها له، فهناك عوائق يعني لأن كونه يجعل ((عقود الجمان)) من محفوظاته هذا شيء موهوم متخيل في الذهن، قد لا يكون شاهد له واقع، فَيُفَوِّت على نفسه الخير الكثير، لكن لو يحفظ الجوهر ثم أن تسنى له أن يحفظ ((العقود الجمان)) جيد، وأما أن يسوف ويحفظ النظم هذا، هذا ما يسمن، لا يكفي، لا يكفي على الأقل # ٠.٥٠ ... سائله من ((الآجرومية))

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

قال الناظم رحمه الله تعالى:

................... ... فَقُلْتُ غَيْرَ آمِنٍ مِنْ حَسَدِ

فَصَاحَةُ المُفْرَدِ فِي سَلاَمَتِهْ ... مِنْ نُفْرَةٍ فِيهِ وَمِنْ غَرَابَتِهْ

وَكَونُهُ مُخَالف الْقِيَاسِ ... ثُمَّ الفَصِيحُ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ

مَا كَانَ مِنْ تَنَافُرٍ سَلِيمَا ... وَلَمْ يَكُنْ تَألِيفُهُ سَقِيمَا

وَهْوَ مِنَ التَعْقِيدِ أَيْضاً خالِي ... وَإِنْ يَكُنْ مُطَابِقاً لِلْحَالِ

فَهْوَ الْبَلِيغُ وَالَّذِي يُؤَلِّفُهْ ... وَبِالْفَصِيح مَنْ يُعَبِّرْ تَصِفُهْ

وَالصِّدْقُ أَنْ يُطَابِقَ الْوَاقِعَ مَا ... يَقُولُهُ وَالْكذْبُ إِنْ ذَا يُعْدَمَا

(وَالْكذْبُ ذا إن عدما - في نسخةٍ أخرى).

اعلم أنه لما كانت معرفة البلاغة متوقفةً على معرفة الفصاحة، إذًا ثَمَّ أمران:

بلاغة وفصاحة.

أيهما متوقفٌ على الآخر؟

البلاغة متوقفةٌ على معرفة الفصاحة.

إذًا لما كانت معرفة البلاغة متوقفةً على الفصاحة لكون الفصاحة مأخوذةً في تعريف البلاغة وجب تقديم تعريف الفصاحة على تعريف البلاغة.

إذًا لا نبدأ بالحديث عن البلاغة أولاً، وإنما نتحدث أولاً عن الفصاحة.

ثم هذه الكلمة فصاحة وما اشتق منها موصوفاتها ثلاثة، يعني: ثلاثة أشياء:

مفرد وكلامٌ ومتكلم.

يقال: مفردٌ فَصِيح، أو كلمةٌ فَصِيحَة، مفرد بمعنى الكلمة، ومتكلمٌ فصيح، وكلامٌ فصيح، فالموصوف بهذه اللفظة ثلاثة أشياء، ولا شك أن ثَمَّ فرقًا بين الكلمة الواحدة الموصوفة بكونها فصيحة وبين المتكلم أنه ذات الشخص وبين الكلام نَفْسِه، فثَمَّ فروقٌ بينها وكل واحدٍ من هذه الثلاث يحتاج إلى وقفةٍ من حيث الشروط.

لما كانت معرفة فصاحة الكلام والمتكلم وهي المقصودة متوقفةً على معرفة فصاحة المفرد، لأن من هو المتكلم الفصيح؟ هو الذي عنده مَلَكَة يقتدر بها على إنشاء كلامٍ فصيح، إذًا لا بد من معرفة أول المفرد الفصيح أو الكلمة الفصيحة، وكذلك الكلام ما هو الكلام الفصيح؟ المشتمل على كلماتٍ فصيحة، فحينئذٍ وجب تقديم معرفة فصاحة الكلمة أو المفرد على معرفة فصاحة المتكلم والكلام.

فقال الناظم:

<<  <  ج: ص:  >  >>