للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا من السنة، لا بحديث الغدير ولا بغيره، وإنما ظن أنه الأحق لقربه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسبا وصهرا، ولو علم إشارة واحدة في كتاب الله - عز وجل - أو في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا تحتمل التأويل على أحقيته بالخلافة لبادر إلى ذكرها والاستشهاد بها، ولكان أبو بكر وعمر وبقية الصحابة من أطوع الناس لعلي تنفيذا لما أورد، وقد كان علي الخليفة الراشد - رضي الله عنه - ذكيا، فقد استدل على خطأ الزبير، قال علي للزبير رضي الله عنهما: "تذكر يوم مررت مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - في بني غنم فنظر إلي فضحك وضحكت إليه، فقلتَ له: لا يدع ابن أبي طالب زهوه"، فقال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس به زهو، لتقاتلنه وأنت ظالم له» قال الزبير: "اللهم نعم، ولو ذكرت ما سرت مسيري هذا، والله لا أقاتلك أبداً"، فانصرف علي إلى أصحابه فقال: "أما الزبير فقد أعطى الله عهداً أن لا يقاتلكم"، ورجع الزبير إلى عائشة فقال لها: "ما كنت في موطن منذ عقلت إلا وأنا أعرف فيه أمري غير موطني هذا، قالت: فما تريد أن تصنع؟ قال: أريد أن أدعهم وأذهب" (١)، فكيف يستدل على خطأ الزبير، ولا يستدل على الإمامة الكبرى، لم يكن ذلك من الخليفة الراشد علي - رضي الله عنه - إلا لعدم مجرد الإشارة فضلا عن النص، وأنه قلما كان لنفسه في وقت الخلفاء قبله، ثم لما صار الأمر أظهر وأعلن، ولم يقصر حتى مضى على السداد والرشاد - رضي الله عنه -، كما مضى من قبله من الخلفاء، وأئمة العدل على السداد والرشاد، متبعين لكتاب ربهم وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، هؤلاء هم الأئمة الأربعة المجمع على عدلهم وفضلهم رضي الله عنهم أجمعين، هم أصحاب الخلافة الراشدة، المأمور باتباع ما سنوا، قال رسول لله - صلى الله عليه وسلم -: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور» (٢)، وهم خلفاء النبوة، قال سفينة - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك» ثم قال سفينة للراوي عنه وهو سعيد بن جمهان: أمسك خلافة أبي بكر، وخلافة عمر، وخلافة عثمان، ثم أمسك خلافة علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - أجمعين (٣)،


(١) الكامل ٢/ ٤٤ ..
(٢) أبو داود حديث (٤٦٠٧).
(٣) الإبانة عن أصول الديانة ١/ ٢٥٧ ..

<<  <   >  >>