للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ذلك، فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الرابع وقد تغير وجهه فقال: «دعوا عليا، دعوا عليا، إن عليا مني، وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي» (١).

كان ذلك لما عاد من اليمن وكان بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أميرا على سرية نقم بعض الجيش أشياء تعاطاها هناك من أخذه جارية من الخمس، ومن نزعه الحلل من اللباس، فتكلموا فيه وهم قادمون إلى حجة الوداع، فلم يفرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيام الحج لإزاحة ذلك من أذهانهم، فلما قفل راجعاً إلى المدينة ومر بهذا الموضع في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ورآه مناسباً لذلك خطب الناس هنالك، وبرأ ساحة علي مما نسبوه إليه، ونحن نبرؤه من ذلك - رضي الله عنه -، فلو وافقنا الرافضة على أن المراد الولاية العامة نكون خالفنا الخليفة الراشد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، لأنه لم يفهم ما فهمه الرافضة زورا وبهتانا، فهم منه الخليفة الراشد علي - رضي الله عنه - المعنى اللغوي الصحيح وهو: النصرة والمحبة وهذا حاصل له عند أهل السنة قاطبة، فلو لم يكن الخلاف بين علي والصحابة الذين ذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شكوا عليا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما تغير وجه رسول الله لذلك، ولا قام خطيبا ينبه على فضل علي - رضي الله عنه -، وكان تغير وجهه - صلى الله عليه وسلم - كرها أن يذكر علي - رضي الله عنه - بسوء، ومحبة لعلي - رضي الله عنه - ونصرة، فأراد أن يؤكد تلك المحبة وذلك الولاء على ملأ من الناس ليحفظوا رسول الله في قرابته، وهذا القول في علي - رضي الله عنه -، كقوله - صلى الله عليه وسلم - في شأن أبي بكر - رضي الله عنه - لما شكا إليه عمر - رضي الله عنه - قال أبو بكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه، ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي فأبى علي، فأقبلت إليك" فقال - صلى الله عليه وسلم -: «يغفر الله لك يا أبا بكر، ثلاثا» ثم إن عمر ندم، فأتى منزل أبي بكر، فسأل: أثم أبو بكر؟ فقالوا: لا، فأتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم عليه، فجعل وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - يتمعر، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه، فقال: "يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم، مرتين"، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟ مرتين، فما أوذي بعدها» (٢)، فهل يترك الرافضة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاحبه؟ هذا ما لن يحدث.


(١) فضائل الصحابة لأحمد حديث (١٠٣٥).
(٢) البخاري حديث (٣٦٦١).

<<  <   >  >>