للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد حديث الغدير ثبت عند الجميع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر يصلي بالناس (١) فلماذا لم يأمر عليا بإمامة الناس ليكون تعضيدا على الأقل لما ورد في حديث الغدير؟ ! ، ولِمَ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «اقتدوا بالذين من بعدي: أبي بكر وعمر» (٢)، ولِمَ قال عمر - رضي الله عنه -: "إن استخلف فقد استخلف من هو خير مني - يعني أبا بكر - وألا أستخلف، فلم يستخلف من هو خير مني - يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - قال عبد الله بن عمر: " فعرفت أنه حين ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير مستخلف.

وما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت من كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخلفا لو استخلف؟ . والظاهر أن المراد أنه لم يستخلف بعهدٍ مكتوب، ولو كتب عهدا لكتبه لأبي بكر، بل قد أراد كتابته ثم تركه، وقال: «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» (٣)، فكان هذا أبلغ من مجرد العهد، ولِمَ لم يقل أحد من الصحابة قط: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على غير أبي بكر، لا علي، ولا العباس، ولا غيرهما، ولِمَ يجيب الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بما يوافق أهل السنة والجماعة لما سئل: "ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كنت مولاه فعلي مولاه»؟ قال: بلى، ولكن والله لم يعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك الإمارة والسلطان، ولو أراد ذلك لأفصح به، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أنصح للمسلمين، ولو كان الأمر كما قيل لقال: يا أيهنا الناس هذا ولي أمركم والقائم عليكم من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا. والله لئن كان الله ورسوله اختار عليا لهذا الأمر وجعله القائم للمسلمين من بعده ثم ترك علي أمر الله ورسوله، لكان علي أول من ترك أمر الله ورسوله" (٤)، أجاب الحسن رحمه الله بهذا لأنه من أهل السنة، وهذا قولهم.

وكذلك علي نفسه - رضي الله عنه - لم يستخلف وقد قيل له: ألا تستخلف علينا؟ قال: "ما استخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستخلِفْ، ولكن إن يرد الله بالناس خيرا فسيجمعهم بعدي على


(١) البخاري حديث (٦٧٩) وسلم حديث (٤١٨).
(٢) جامع بيان العلم وفضله حديث (٢٣٠٢).
(٣) المستدرك حديث (٦٠١٦).
(٤) رواه البيهقي من طرق متعددة في بعضها زيادة وفي بعضها نقصان والمعنى واحد.

<<  <   >  >>