للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى آخره، أن يأتي بالواجبات وبالأركان، ليس المراد مطلق الصلاة، وإنما الصلاة مقيدة بالشرع، فيصير (أقم الصلاة) فقام عمدا صلى في مكان نجس أو في الحمَّام أو في المقبرة حكمنا في الصلاة بأنها باطلة، لماذا؟ لأن النهي يقتضي الفساد، هل نقول هذه الصلاة مأمور بها؟ لا، ليست مأمورا بها، وليست داخلة في الأوامر وإنما هي منهي عنها، وحينئذ الواجب والأمر لا يشمل المنهي عنه، قال: (لأن النهي يقتضي الفساد والصحة تقتضي الثواب فلا يجتمعان في عمل واحد، ومن أخل ومتى أخل مرتكب النهي بشرط العبادة أفسدها) لو صلى بلا وضوء ما الحكم؟ الصلاة، نقول باطلة أو لم تنعقد؟ إذا أحدث في أثناء الصلاة نقول بطلت الصلاة، وإذا أقدم وهو غير متوضيء نقول لم تنعقد الصلاة، وفرق بينهما، لم تنعقد الصلاة = لم يدخل بالصلاة أصلا، أما الثاني دخل في الصلاة وبطلت الصلاة، إذن: (ومتى أخل مرتكب النهي بشرط العبادة أفسدها) ونية التقرب بالصلاة شرط كما ذكرناه سابقا أن الواجب باعتبار اشتراط النية في الاعتداد به قسمان: منه ما لا يقبل إلا بنية الامتثال، ومنه الصلاة، إذن لابد أن يأتي بشرط الثواب وهو نية التقرب إلى الله عز وجل، فإذا لم يأتِ به كمن صلى بلا وضوء، أليس كذلك؟ من لم يأتِ به كمن صلى بغير وضوء، لماذا؟ لأن صحة هذا الواجب متوقفة على شرط الثواب، ونية التقرب بالصلاة شرط والتقرب بالمعصية محال، لأن الصلاة منهي عنها وفعله الذي قضاه بالحركة أو السكون أو قيام أو ركوع أو سجود نقول هذه ليست بعبادة، لأنها معصية والتقرب بالمعصية محال، إذن هل ممكن أن يأتي بشرط الثواب وهو فاعل لمعصية؟ لا يمكن، لا يمكن أن يصح شرط التقرب إلى الله عز وجل وهو فاعل لمعصية، لأنه لا يتقرب إلى الله عز وجل بالمعاصي، وإنما يتقرب إليه بالطاعات، وشرط الطاعات امتثال الأمر، أيضا من شرط الصلاة إباحة الموضع، أن يكون مباحا الموضع الذي تصلي فيه، والغصب محرم، فهو كالصلاة في المكان النجس، لو صلى عمدا في مكان نجس دون ضرورة حكمنا ببطلان صلاته، لأن اشتراط الطهارة في الموضع كاشتراطه في البدن والثوب، ولذلك شرط الطهارة طهارة الموضع والبدن والثوب هذا عند جماهير أهل العلم، إذن من شرط الصلاة إباحة الموضع وهو محرم فهو كالنجس، أيضا لأن الأمر بالصلاة لم يتناول هذه المنهي عنها، هذا أهم ما تقف معه، مع قوله (النهي يقتضي الفساد) أن الأمر بالصلاة لم يتناول هذه الصلاة المنهي عنها، هو منهي أن يستعمل الدار المغصوبة مطلقا، لا يرد أن يستعملها لأنها محرمة، لو صححنا استعماله أو مكنا له بعض الاستعمال لجعلنا له يدا على هذه الدار والأصل انتفاؤها، إذن هذه حجة المذهب في عدم صحة الصلاة في الدار المغصوبة وهو الأرجح، لأن القاعدة أن النهي يقتضي الفساد مطلقا، (وعند من صححها) تفرع المصنف، تفرع فقال (وعند من صححها) إذن بعض العلماء وهو الجمهور يرون أن الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة، لماذا؟ لأنهم يقسمون النهي إلى ثلاثة أقسام: كلها ذكرها المصنف هنا، (وعند من صححها) يعني من صحح الصلاة في الدار المغصوبة (النهي ثلاثة أقسام: إما أن يرجع إلى ذات المنهي عنه) يعني يكون محل النهي هو الذات، هذه الذات لا توجد،

<<  <  ج: ص:  >  >>