للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عناصر الدرس]

* اقسام الحكم الشرعي

* الواجب وأقسامه.

الدرس الثالث

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

ذكرنا أن هذا الباب معقود في بيان الحكم ولوازمه.

وأقسام الحكم أربعة: حكم، ومحكوم فيه، ومحكوم عليه، وحاكم.

وذكر المصنف هذه الأوجه كلها إلا المحكوم فيه وهو فعل المكلف، إلا لما بين لك حد الحكم فيما يراه هو بأنه قضاء الشارع على المعلوم بأمر ما نطقا أو استنباطا، وقلنا هذا أقرب إلى مدلول الحكم عند الفقهاء وليس عند الأصوليين؛ لأنه عرفه بماذا؟ بقضاء الشارع، يعني حكم الشارع على المعلوم، حينئذ هذا أقرب إلى قول الفقهاء بأنه مدلول خطاب الشارع، ثم بعدما عرف لك الحكم ذكر ضمنا في الحد السابق أن الحكم الشرعي قسمان: حكم تكليفي، وحكم وضعي.

فقال: "والأحكام قسمان" الأحكام الشرعية وليست غيرها، لماذا؟ لأن الحديث في الحكم الشرعي.

"والأحكام قسمان: قسم يُعنوَن له بالأحكام التكليفية" يقال أحكام التكليف، وعرفنا معنى التكليف مما سبق لغة واصطلاحا، وهذه الإضافة هنا (أحكام التكليف) من باب إضافة الشيء إلى سببه، يعني الأحكام التي تسبب في وجودها هو التكليف، لأن التكليف هو سبب ثبوت الأحكام، إذ لا حكم شرعي إلا إذا وُجد التكليف، فإذا ثبت التكليف حينئذ ذا حكم شرعي، هذا هو الأصل، إذن أحكام التكليف نقول هذا من باب إضافة الشيء إلى سببه، لأن التكليف سبب ثبوت الأحكام.

أحكام تكليفية وأحكام وضعية، أحكام تكليفية مايكون البحث فيها عن التأثيم وعدمه، هل يأثم أو لا يأثم، هل يثاب أو لا يثاب، وهذه المعاني [ .... ] الآتية.

وأحكام وضعية، وهي ما يكون البحث فيها عن النفوذ وعدمه، كالصحة والفساد والأداء والقضاء ونحو ذلك، كما سيأتي بيانه.

وعلى طريقة الأصوليين أن يقال: "الأحكام التكليفية ما اقتضى الخطاب طلبه أو تخييره، إذا اقتضى الخطاب الشرعي طلبا أو تخييرا حكمنا عليه بأنه حكم تكليفي؛ لأن الطلب قسمان كما سبق وسيأتي، والتخيير المقصود به الإباحة، والوضعية هي جعل الشيء علامة أو صفة لشيء آخر، كجعل دلوك الشمس سببا لوجوب صلاة الظهر ونحو ذلك، حينئذ نقول: الحكم الوضعي هذا مأخوذ من الجعل، كون الشيء علامة على شيء آخر، كأن الرب جل وعلا يقول إذا وُجد هذا في الكون (وهو من فعله سبحانه)، إذا وُجد فقد صار هذا الوجود علامة على وجود الحكم التكليفي وهو إما الإيجاب أو التحريم، حينئذ يكون حكم الجعل في الأصل ليس من فعل العبد وإنما هو من فعل الله عز وجل.

"والأحكام قسمان" كما ذكرناه سابقا، وهو شامل في الحد الأصح أو المشهور عند جماهير الأصوليين بأن الحكم الشرعي خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، "بالاقتضاء أو التخيير" قلنا هذا مختص بالأحكام التكليفية، "أو الوضع" هذا مختص بالأحكام الوضعية.

قال: "تكليفية" يعني القسم الأول "تكليفية" نسبة إلى التكليف، قال وهي خمسة، أي هذه الأحكام التكليفية محصورة بعدد عند جماهير أهل العلم وأنها خمسة أحكام لا سادس لها، ودليل القسمة هو الاستقراء، هو الاستقراء والتتبع لنصوص الشرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>