للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عناصر الدرس]

فصل في مباحث الألفاظ.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد.

الفصل السابق (فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ الدَّلاَلَةِ الوَضْعِيَّةِ)، بقي التنبيه على أن قوله: (الوَضْعِيَّةِ). هذا صريح في أن الأنواع الثلاثة كلها وضعية، واتفق المناطقة وغيرهم على أن المطابقية وضعية يعني دلالة المطابقة لا خلاف فيها في أنها وضعية، وأما دلالة التضمن ودلالة التزام هذه فيها خلاف [بين ... النحاة] (١) بين الأصوليين، والبيانيين، والمناطقة، وقيل: وضعيتان. وعليه عامة المنطقيين، وهو الذي أشار إليه المصنف هنا وضعية حينئذٍ حكم على الأنواع الثلاثة بأنها وضعية، وقيل: عقليتان. يعني: دلالة التضمن عقلية، ودلالة التزام عقلية، وعليه عامة البيانيين يرجحون هناك أنها عقلية، وقيل: التضمن وضعية، والالتزام عقلية. وعليه جمهور الأصوليين، وهو المرجح، والصحيح أن دلالة التضمن وضعية وليست بعقلية، لأن أول ما يفهم من اللفظ هو الكل ثم ينتقل منه إلى الجزء، وهذا إنما فهم من جهة الوضع، والصحيح أن التضمنية وضعية والتزاميه عقلية، الالتزام واضح أنه من جهة العقل، والقول بأنها وضعية فيه شيء من النظر.

- - -

فَصْلٌ فِي مَبَاحِثِ الأَلْفَاظِ

(فَصْلٌ فِي مَبَاحِثِ الأَلْفَاظِ) اعلم أن المنطقي لا بحث له إلا على المعاني، لكن لما كانت المعاني مفتقرة في فهمها إلى الألفاظ عقد المنطقيون لها بابًا وقسموا المستعمل منها إلى المركب والمفرد كما قاله المصنف.

ــ - الشرح - ــ

ثم قال الناظم رحمه الله تعالى: [(فَصْلٌ فِي مَبَاحِثِ الأَلْفَاظِ) اعلم أن المنطقي]. يعني: العالم المنسوب إلى المنطق (المنطقي)، كالنحوي والصرفي والبياني (لا بحث له إلا على المعاني)، لأن البحث في المعقولات، والمعقولات معاني، إذًا الأصل في بحثه إنما هو المعقول مع الذي يكون في الذهن، حينئذٍ إذا كان كذلك فيكون البحث في الألفاظ تبعًا لا أصلاً، لأن الأصل في الفن إنما يبحث عن المعاني يعني عن المعقولات. فبحثهم عن الألفاظ يكون تبعًا، ولذلك ثَمَّ قدر مشترك بين المباحث اللفظية بين النحاة والمناطقة والأصوليين وغيرهم ثَمَّ أبحاث مشتركة، البحث يكون هنا ويكون في علم البيان ويكون في الأصول (لا بحث له إلا على المعاني، لكن لما كانت المعاني) المعقولات التي تكون في النفس، (مفتقرة) محتاجة أشد الاحتياج (في فهمها إلى الألفاظ)، لأن من يدرك الشيء كما ذكرنا اليوم أن من أدرك الشيء إن لم يحتج إلى الإخبار حينئذٍ لا إشكال لأنه لا يحتاج إلى اللفظ، إنما أدركه في نفسه وكانت الفائدة له هو، وأما إذا أراد أن يخبر غيره فلا بد أن يعبر بلفظٍ، إذًا صار تعبير للغير، أو صار إيصال المعاني، أو المعقولات للغير مفتقرًا إلى الألفاظ، لأنه لا يمكن أن يصل بذلك إلا بلفظ، [لكن لما كانت المعاني مفتقرة في فهمها إلى الألفاظ عقد المنطقيون لها ... بابًا] أو فصلاً كما قال الناظم هنا: (فَصْلٌ فِي مَبَاحِثِ الأَلْفَاظِ)


(١) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>