للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحثُ الأول: الوضوحُ والغموض

من خلال ما درسه الباحثُ من المسائل النحوية في كتاب (التوضيح لشرح الجامع الصحيح)، تبيَّن له دقةُ عبارة ابن الملقن ووضوحُها، مع كونها مختصرةً، عدا النَّزْرَ اليسيرَ -غير المخوِّل للعيب- في غموض بعض العبارات.

فمثالُ وضوح عبارته: في قوله - عليه السلام -: (فبكرًا تزوجت)، إذ قال: "تقديرُه: أبكرًا تزوجتَ؛ لأن (أم) لا يُعطف بها إلا بعد همزة الاستفهام" (١).

ومن ذلك أيضًا في قوله - عليه السلام -: (حتى فرجه بفرجه)، قال ابن الملقن: " (حتى) هنا عاطفة، وهي عند النحويين لا تعطفُ إلا بثلاثة شروط: أن تعطف قليلًا على كثير، وأن يكونَ من جنسه، وأن يُرادَ به التعظيمُ أو التحقير، والقليلُ هنا الفرج، والكثير الأعضاء، وهو من جنسها، والمراد به: التحقيرُ، فيكون (فرجه) منصوبًا بالعطف" (٢).

ومن ذلك أيضًا في قوله - عليه السلام -: (الحب في الله والبغض في الله)، قال: " (في) هنا للسببية -أي: بسبب طاعة الله ومعصيته- كقوله - عليه السلام -: (في النفس المؤمنة مائةٌ من الابل)، وكقوله في التي حبست الهرةَ: (فدخلت النار فيها)، أي: بسببها، وأصل (في) للظرفية" (٣).

ومثله في قوله - عليه السلام -: (الذي قلتَ له آنفًا: إنه من أهل النار)، قال ابن الملقن: "معنى (له): فيه، قال ابنُ الشجري: اللام قد تأتي بمعنى (في)؛ قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} (٤)؛ أي: فيه" (٥).

ومثلُ ذلك في (ما من أحد أغير من الله)؛ إذ قال: "وفي مسلم: (إنْ من أحد أغيرَ من الله) بكسر همزة (إنْ) وإسكان النون، وهو بمعنى: ما من أحدٍ أغيرَ من الله، وعلى هذا (أغيرَ) بالنصب خبرُ (إن) النافية، فإنها تعملُ عملَ (ما) عند الحجازيين، وعلى التميمية هو مرفوعٌ


(١) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٢٥/ ١٥٧.
(٢) المصدر السابق ٣٠/ ٤١٤.
(٣) المصدر السابق ٢/ ٤٤٤.
(٤) الأنبياء: ٤٧.
(٥) المصدر السابق ١٨/ ٣٠٥.

<<  <   >  >>