للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الداخل يعني: في الذهن، ولو لم يوجد له شيءٌ في الخارج، وفي الخارج لا بد أن يكون له لازمٌ في الذهن عند المناطقة.

قال هنا: (ولازمٌ خارجاً فقط) يعني: لا في الذهن.

(كسواد الغراب) كلُّ غرابٍ أسود، لا يوجد غراب غير أسود.

الصبي لو قلت له: غراب يتصور أنه أحمر أو أبيض، الذي لا يعرف الغراب ما يتخيل أنه منحصرٌ في السواد.

حينئذٍ اللزوم هذا في الذهن أو في الخارج؟ العقل لا يمنع أن يكون غراب أحمر.

إذاً: ليس هذا اللازم بذهني وإنما هو لازمٌ في الخارج فقط.

قال: (كسواد الغراب، والزنجي) الزنجي لا يلزم أن يكون أسوداً في الذهن، لكن في الخارج لا وجود له إلا وهو أسود.

نقول: هذا لازمٌ، فإذا أُطلق لفظ الغراب دل على السواد، أين الملزوم؟

غراب أسود أين الملزوم؟ الغراب ملزوم، واللازم أسود.

هذا اللازم خارجي أو ذهني؟ خارجي فقط، والذهن لا يجوِّز أن يكون الغراب غير أسود، كذلك الزنجي.

(ولازمٌ ذهناً فقط) أي: لا خارجاً، في الذهن فقط، لا وجود له في الخارج.

مثاله: (كالبصر للعمى) وعرفنا المراد بالبصر للعمى؛ لأن معنى العمى سلبُ البصر، سلبُ البصر هذا مركَّبٌ إضافي لا يمكن أن يُتعقَّل إلا بتعقل مفرديه .. سلبُ والبصر.

حينئذٍ إذا قيل: عين زيدٍ عمياء، تتخيل أنها عمياء وأنها مبصرةٌ، لكن في الذهن البصر وأما في الخارج فمتضادان.

(كالبصر للعمى، فإنه يلزم من تصوُّر معنى العمى معنى البصر ذهناً، مع أن بينهما معاندة في الخارج).

قال العطَّار: (فقد استفدت أن النسبة بين اللزوم الذهني واللزوم الخارجي إنما هو التباين الجزئي) يعني: العموم والخصوص الوجهي.

(فإنه قيَّد القسمين بقيد: فقط، وأطلق الثالث).

قال رحمه الله تعالى: (والمعتبر في دلالة الالتزام اللزوم الذهني) يعني: مطلقاً، الصادق بقسمين، يعني: الذي وافق الخارج والذي لم يطابِق. هذا يسمى لازماً ذهنياً.

(والمُعتبَر في دلالة الالتزام اللزوم الذهني كما ذكره المصنف كغيره) كغيره أشار به إلى أنه لم يهِم .. دفعُ ما يتوهم من نسبة المصنف إلى سهو أو خطأ في ذلك.

لأن البيانيين والأصوليين يعتبرون اللزوم مطلقاً، فاللازم الخارجي كدلالة الغراب على السواد هذه دلالة التزام عند الأصوليين وعند البيانيين، وأما عند المناطقة فلا .. لا تسمى دلالة التزام.

إذاً: الثلاثة الأنواع هي مُعتبرة في دلالة الالتزام عند الأصوليين والبيانيين، وأما عند المناطقة لا، لا بد أن يكون اللزوم ذهنياً سواء كان كذلك في الخارج أو لا.

قال هنا: (لأن اللزوم الخارجي) يعني فقط، يبيِّن لماذا المناطقة لم يعتبروه، إن وُجد اللازم الخارجي دون الذهني؟

(لأن اللزوم الخارجي لو جُعل شرطاً في تحقُّق دلالة التزام لم تتحقق دلالة الالتزام بدونه).

لو جَعَلنا اللزوم الخارجي شرطاً في تحقُّق دلالة الالتزام، هل توجد دلالة التزام دون الشرط الخارجي .. اللزوم الخارجي؟ الجواب: لا.

المشروط هل يوجد دون شرطه؟ لا، هل توجد الصلاة دون طهارة؟ لا توجد؛ لأن الطهارة شرطٌ فيه، لو قلنا اللزوم الخارجي شرط في تحقق دلالة الالتزام، إذاً: لا توجد دلالة الالتزام إلا مع الخارجي، لكن وجدنا أن دلالة الالتزام وجدت دون الخارجي وهو البصر بالنسبة للعمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>