للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وننُبه بأن هذا الفن إذا أقدم عليه الطالب وهو عنده شيءٌ من التردد في الإقبال عليه وأهميته ونحو ذلك، فحينئذٍ لن يستفيد، فالشيء الذي يتردد فيه الطالب سواء كان في المنطق أو غيره من العلوم، حينئذٍ لن يتمَّه، وإذا أتمه لن يفهمه على الوجه؛ لأن كل من لم يعلم قيمة العلم فحينئذٍ لن تتوجه إليه النفس، فإذا وقع شيء من النزاع بين طلاب العلم: هل يُدرس المنطق أو لا؟ يقرأ أو لا؟ هل نحضر أو لا؟

فحينئذٍ نقول: كلام أهل العلم في هذا واضحٌ بيِّن، وكلام من عمَّم في ذم علم المنطق، هذا مفصَّل.

كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى لا يؤخذ على تراكيبه من حيث المبتدأ والخبر، أو الجملة الإسنادية .. ونحو ذلك، وإنما يُنظر بحاله هو عليه رحمة الله، فهو قد رد على الأشاعرة كما هو معلوم، رد عليهم بماذا؟

يخطئ من يقول بأنه رد عليهم بالكتاب والسنة، هذا ليس بصحيح، وإنما في جملة ما رد عليهم قد يكون يذكر بعض الآيات أو بعض الأحاديث، لكن أصل ردِّه إنما هو معتمدٌ على نقض ما قد اعتمدوه من أدلة، قد يكون القياس صحيحاً في نفسه. يعني: لا يلزم من كون أهل البدعة قد أخطئوا في استخدام الأقيسة والحُجج المنطقية، حينئذٍ يكون الرد عليهم بإبطال القياس وبإبطال المنطق لا.

ولذلك نقول دائماً بأن القياس الذي هو رابع الأدلة الشرعية: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس.

القياس الصحيح وليس كل قياس، حينئذٍ إذا أخطأ من أخطأ من الفقهاء أو تشعَّبت معهم الأمور في الإكثار من القياس حتى صار القياس تُردُّ به بعض النصوص، فيقال: هذا الحديث مخالفٌ للقياس، صار فيه شيءٌ من الغلو من حيثُ الإثبات.

حينئذٍ ماذا نصنع؟

هل نرجع إلى الأصل فننقضه، أم نقول: هذه الفروع ليست على الجادة؟

لا شك أنه الثاني، حينئذٍ لا نرجع إلى الأصل الذي هو القياس ونقول: القياس باطل؛ لأن أكثر المتأخرين من الأحناف والشافعية والمالكية والحنابلة قد اعتمدوا هذا القياس حتى ردوا به بعض الأحاديث الصحيحة؛ لكونها مخالفة للقياس، بهذه الحجة الفاسدة.

حينئذٍ هل نرجع إلى القياس فنبطله من أصله، نقول: القياس ليس بدليلٍ شرعي؟

الجواب: لا، وإنما ننظر في هذه الأقيِسة التي اعتمدوا عليها، وظنوا أنها مخالفةٌ للشرع، أو أن الشرع جاء مخالفاً لهذه الأقيسة، فنبطلها من حيث هي.

كذلك الإجماع، الإجماع كما قال الشوكاني رحمه الله تعالى لا هيبة له عند المتأخرين؛ لكثرة من يدَّعيه، الإجماع المتيقَّن لا شك أنه دليلٌ شرعي: الكتاب، والسنة، والإجماع. والمقصود به إجماع الصحابة كما هو معلومٌ في محله.

حينئذٍ إذا أكثر المتأخرون من دعوى الإجماع في مسائل معلومة الخلاف، نقول: هذه الادعاءات للإجماعات باطلة في نفسها؛ لأنها لخلاف ثابت، أو لأنها مخالفة لإجماع الصحابة .. ونحو ذلك.

فوجود بعض الإجماعات المدَّعاة التي ليس لها مستند شرعي صحيح نقول: ولو صارت هذه الادعاءات كثيرة لا نرجع إلى الأصل فننقضُه، وإنما نحترم الأصل ونحفظ الأصل وهو الإجماع، ونبيِّن المراد به، ثم إذا وقع شيءٌ من الخلل في دعوى الإجماع نردُّ هذا الفرع ونحفظ الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>