للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشرط الثالث: ألا تكون المسألة إحدى العُمريتين، نسبة إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. إذًا بهذه الشروط الثلاثة ترث الأم الثلث كاملاً، فأما إن كانت من إحدى العُمريتين حينئذٍ ترث الثلث لكنه يعبر عنه بالثلث الباقي، وهو في حقيقته إما سدس وإما ربع كما سيأتي.

قوله: (حَيْثُ لاَ وَلَدْ) حيث هنا تقييدية، وهي تفيد معنى الشرط، إذا الشرط قيد كما أن الصفة قيد. إذًا حيثُ تقول: حيث تأتي لمعانٍ قد تأتي للتعليل، وقد تأتي للإطلاق، وقد تأتي للتقييد ثلاث استعمالات لحيث، قد تأتي للإطلاق، وقد تأتي للتقييد، وقد تأتي للتعليل، وهنا للتقييد (وَالثُّلْثُ فَرْضُ الأُمِّ) لا مطلقًا بل بقيد (حَيْثُ لاَ وَلَدْ) يعني عدم الولد، بقيد عدم الولد، ولا هنا نافية للجنس (لاَ وَلَدْ) موجود، لا نافية للجنس وولد هذا اسم لا مبني على الفتح المقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بسكون الضرب أو الروي، وخبرها محذوف أي موجود. وهذا هو الغالب في باب اسم لا النافية للجنس أن يكون خبرها محذوفًا هذا هو الغالب.

(حَيْثُ لاَ وَلَدْ) وولد هنا يصدق بماذا؟ بالذكر والأنثى سواءُ كان واحدًا أو متعدّدًا، فرض الأم بشرطين عدميين، هكذا قال الشارح، ويُزاد عليه الشرط الثالث (حَيْثُ لاَ وَلَدْ) ذكرًا كان أو أنثى، لأنه كما سبق أن الولد يعم في لسان العرب الذكر والأنثى، فإذا أثبت حينئذٍ دخل فيه الذكر والأنثى، وإذا نُفي حينئذٍ نفي الذكر ولأنثى، وهل يدخل فيه ابنهُ؟

هذا قلنا: محل خلاف، وإن كان المشهور أنه يدخل فيه يناوله حقيقة، وبعضهم يرى أنه مجازًا، وبعضهم ينفي أنه يتناوله مطلقًا لا حقيقة ولا مجاز، فالأقوال ثلاثة، والمشهور عند الفرضيين أن الولد يدخل فيه ابنه، الابن يدخل فيه ابن الابن، وكذلك الولد. واحدًا كان أو متعدّدًا. إذًا عدم الفرع الوارث. قال الشارح: ولا ولد ابن كما سيذكره قريبًا سينصّ الناظم على ولد الابن قال: (وَلاَ ابْنُ ابْنٍ مَعَهَا أَوْ بِنْتُهُ). هذا تنصيص من باب التأكيد فقط وإلا هو داخل في قوله: (لاَ وَلَدْ). لو لم يأتِ بهذا البيت لعممنا قوله: (حَيْثُ لاَ وَلَدْ). حينئذٍ يكون من باب التأكيد وهذا سبق معنا أنه قد ينص الناظم وينص الشارح أو صاحب المتن مطلقًا ينص على شيء دخل في سابقه بالمفهوم أو بالتضمن من باب التأكيد، وهذا كثير حتى في القرآن {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧، ٨] كل منهما داخل في مفهوم الآخر، فقد صرحت الآية الأولى بما دخل في مفهوم الثاني، وصرحت الآية الثانية بما دخل في مفهوم الأول. إذًا هذان منطوقان قد صرح في كل واحد منهما بمفهوم الآخر، يكون من باب التأكيد، وهذا لا إشكال فيه ليس بعيب، يعني ليس مخلاً بالفصاحة، فلا يقال فيه تكرار إلا إذا كان ثمَّ أمر واضح بيِّن دخوله حينئذٍ لا إشكال فيه يقال بأنه تكرار.

(وَالثُّلْثُ فَرْضُ الأُمِّ حَيْثُ) قلنا: تقييد (لاَ وَلَدْ) لا نافية للجنس وولد اسمها وخبرها محذوف أي موجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>