للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وليس كل رجز يكون على هذا، لا، قد يكون مُتَعِلُنْ مثلاً، لكن الأصل فيه مستفعِلُن، واختار المصنف هنا النظم على النثر لأنه أسهل في الحفظ كما مرَّ معنا مرِارًا أن المتون العلمية التأصيلية تكون على ضربين:

- منها ما هو نظم.

- ومنها ما هو نثر.

ومن حيثُ الإحكام في الألفاظ النثرُ أجود، من حيث ضبط الألفاظ وضبط الحدود النثر أجود، ولكنَّ النثر هنا بالتجربة عن أهل العلم سابقاً ولاحقاً لا يكادُ يبقى في الذهن يعني حفظه صعب من حيث الإقدام ومن حيثُ استمرار الحفظ في الذهن، حينئذٍ صعُبَ أولاً ابتداء وانتهاءً، فلما كان الأمر كذلك عدل أهل العلم عموماً في جميع الفنون إلى النظم عدلوا إلى النظم خاصةً هذا الذي يسمى حمار الشعراء.

والنظم هو كلامٌ موزون مقفَّى مقصودٌ فإن لم يكن مقصودًا حينئذٍ لا يسمى نظماً، ولو جاء كلامٌ على وزن مستفعلن مستفعلن مستفعلن، ولا يقال: مشطور الرجز، لا بُدَّ أن يكون مقصودًا «إنما الأعمال بالنيات». فإن لم يكن كذلك فحينئذٍ لا يُسمى نظمًا، وبعض الحمقى حاول أن يأتي ببعض الآيات على بعض الأوزان {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: ١] فجاء بها على بعض الأوزان، إما البحر الطويل أو البسيط فقال قد جاء في القرآن مؤيد لما سبق. قلنا: الموافقة هنا لا تدل على أنه شعر أو على أنه نظم لأنه لا بد، فرقٌ عند العرب بين الشعر وبين النثر، ولذلك هذا أمرٌ أطبق عليه العقلاء الأوائل الذين نزل في شأنهم الشعر فضلاً عن يأتي متأخر ثم يذكر أن في القرآن ما هو وزنٍ من أوزان البحور الست عشر المشهورة.

عدد أبيات ((الرحبية)) مائةٌ وخمسةٌ وسبعون بيتًا، وقيل ستٌّ وسبعون كما سيأتي في موضعه.

مِن أشهر مَن شرح ((الرحبية)) ولا نستوفي كل ما كتب في الفرائض لأن منها ما منثور ومنها ما هو منظوم كما ذكرنا، والنظم أسهل ولذلك اشتهر هذا النظم لسهولته، وهو أسهل من ((البرهانية)) وإن كان ... ((البرهانية)) أجمع يعني أكثر مسائل، وكثرة المسائل قد لا ترجح أن يكون النظم هو المعتمد وإنما لا بد من شيئين:

أولاً: سهولة النظم لأن المراد ما هو؟ لو أردنا الصعوبة نبحث أو نحفظ من المنثور لا المنظوم، هذا إذا أردنا الصعوبة، وإذا أردنا السهولة حينئذٍ لا بد أن ننظر في طبيعة النظم من حيثُ التراكيب ومن حيث المعنى المفهوم من إطلاق اللفظ نفسه.

((الرحبية)) إذا قورنت بـ ((البرهانية)) حينئذٍ هي أوضح، وإن كانت تلك أوسع من حيث المسائل، ثمَّ مرجِحْ أو مرجِّحْ آخر أن يكون ((الرحبية)) هو محل البحث شهرتها وإذا اشتهر النظم واشتهر المتن حينئذٍ كثرت الحواشي والشروحات والمختصرات على ذلك المتن، حينئذٍ إذا وُجِدَ متن أكثر مسائل من متنٍ إلا أن الشروح والحواشي والخدمة ليست متوفرة قليلة صار ماذا؟ صار ذاك الذي هو أقل مسائل مرجحًا على ما كثرت مسائله من هذه الجهة، وهذا مهم جداً أن يراعي الطالب الحفظ

أولاً: ما اشتهر عند العلماء.

وثانياً: ما كُتِبَ عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>