للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(مُنَبِّهَ) التنبيه لغة الإيقاظ يقال: نبهته بمعنى أيقظته (أفرضكم زيدٌ) أي أعلمكم بالفرائض والخطاب للصحابة فلمن بعدهم من بابٍ أولى، أفرضكم زيدٌ، وناهيك بها، حسبك بها هذه الشهادة، ناهيك بها، ناهيك مبتدأ وخبر، يعني: ناهيك بها مرتبة ومنقبةً، يحتمل أن ناهيك مبتدأ والضمير خبر، زيدت فيه الباء ناهيك بها، والمعنى الذي نهاك عن أن تطلب غيره في بيان فضل زيدٍ هذه الشهادة، لا تطلب غير زيد من الصحابة في كونك تتبعه في فن الفرائض، لماذا؟ لأن هذه الشهادة من النبي - صلى الله عليه وسلم - نهتك عن أن تطلب هذا الطلب، أو بالعكس والمعنى هذه الشهادة تنهاك عن أن تطلب غيرها، ويحتمل أن الضمير فاعل الوصف على حدِّ فائزِ أُولو الرشد

ناهي هذا اسم فاعل، (ناهيك بها) والضمير يحتمل أنه فاعل، والباء هذه زائدة. إذًا (ناهيك) مبتدأ والها فاعل وهذا جائزٌ على غرر ما ذهب إليه ابن مالك:

فائزٌ أولو الرشد

وتكون الباء زائدة في الفاعل. إذًا (من قوله) هذا متعلق بقوله: (حباه). أو بيان، بيان لقوله: (بما حباه). وحباه معناهُ أعطاهُ، والحبوة العطية الشيء المعطى، والحِباء أو الحَبَاء نفس الفعل العطاء، ولذلك يقال: حبا فلان وحبوةً أعطاه، والْحِباء ما يحبو به الرجل صاحبه ويكرمه به، والحبوةُ العطية. قوله هنا: (مُنَبِّهَا) على فضله وشرفه (أفرضكم زيدٌ) وذكر ابن الصلاح أن الترمذي والنسائي وابن ماجه رووه بإسنادٍ جيد، وقال: هو حديثٌ حسن. الحديث رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وحسنه ابن الصلاح وضعفه شيخ الإسلام ابن تيمية. (أفرضكم زيدٌ) هذا الحديث ذكر فيه مجموعة من الصحابة وميَّز بعض الصحابة ببعض العلوم، لكن الشيخ الإسلام بن تيمية ضعفه كما ذكرناه. وروى الترمذي في جامعه بإسناد صحيح عن أنس - رضي الله عنه - بلفظ: «أعلمُ أمتي بالفرائض زيدُ بن ثابت». وإنما قال ذلك - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن الهائم نقلاً عن الماوردي رحمه الله تعالى قال: للعلماء في ذلك خمسة أوجه وعدّها إلى أن قال: الخامس أنه قال ذلك لأنه كان أصحهم حسابًا وأسرعهم جوابًا. يعني علم الفرائض مبني على الحساب والضعيف في الحساب ضعيف في الفرائض، الذي لا يعرف الضرب والقسمة إلى آخره هذا ضعيف في الفرائض، حينئذٍ لما كان زيد بن ثابت أسرعهم في معرفة الحساب صار أعلمهم بهذا الفن، وهذا حقٌ يعني من كان كذلك حينئذٍ يكون فقيهًا في الفرائض. ثم قال الماوردي: من أجل هذه لم يأخذ الشافعي رضي الله عنه إلا بقوله رضي الله عنه.

والله أعلم وصلَّى لله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>