للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فزيدُ بن ثابت إن صحّ أنه أفرض الصحابة حينئذٍ يكون النظرُ فيه كالنظر في غيره من الصحابة وخاصةً إذا اختلفوا، (مِنْ قَوْلِهِ)، يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتم الرسالة، (في فَضْلِهِ) في بيان فضله على غيره من الصحابة، (مُنَبِّهَا)، يعني: موقظًا أيقظ بهذا القول أذهان العلماء بأن يتجهوا إلى هذا الذي زكاهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين في شهادته أنه أولى بالإتباع، (أَفْرَضكُمْ زَيْدٌ) أفرضكم بفتح الضاد هذا مقولُ القول، (مِنْ قَوْلِهِ) (أَفْرَضكُمْ زَيْدٌ) أي أعلمكم في الفرائض زيد بن ثابت الخزرجي كما مرّ معنا في ترجمته (وَنَاهِيْكَ بِهَا)، يعني حسبُك بهذه الشهادة مرتبة ومنقبة لزيدٍ، وهذا لا شك إذا بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أعلمُ الصحابة بالفرائض حينئذٍ هو الأولى بالإتباع، لكن كما ذكرنا هذا الحديث رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وحسنه ابن الصلاح وضعفه شيخُ الإسلام ابن تيمية، ابن صلاح حسنهُ، ابن الصلاح يُغلقُ باب الاجتهاد في الحكم على الحديث بالصحة أو عدمها، وينقل العلماء عنه التحسين، وهذا محل النزاع بينهم، ما مراده إذا قيل حسنه، ثم قال تحسينه لأنه مقلّدٌ في هذا الباب، حسنه ابن الصلاح، يعني: نقل تحسينهُ، وقيل: لا، المراد أنه أغلق باب الاجتهاد في التصحيح أما في التحسين فلا. هذان قولان في تخريج ما يقالُ فيه حسَّنه ابن الصلاح، لأنه لا يرى أن الاجتهاد أو أهل عصره أهلٌ لـ أو أهلاً للنظر في الأسانيد ونحو ذلك فيحكمون على الحديث بكونه صحيحًا، أو ضعيفًا، أو حسنًا، وإذا نقل عنهم حينئذٍ كيف؟ هو حكم بأنهم ليسوا أهلاً وهو من ذلك العصر، حينئذٍ على نفسه من باب أولى، فكيف يحسنُ الحديث؟ قالوا: نَقَلَ تحسينهُ عن غيرِهِ، وأُجيب أيضًا بجواب آخر أنه مَنَعَ التصحيح، وأما التحسين فهذا محل اجتهاد، والصواب في المسألتين تصحيح وتحسين أنه الباب مفتوح ما زال، ما زال البابُ مفتوحًا لمن كان أهلاً للنظر في الأسانيد والصحة والحُسْن والضعف ونحوِ ذلك، إذًا حسنه ابن الصلاح وضعفه شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وهو ضعيف كذلك، ولو صح حينئذٍ لا يكون أفرضكم زيد بكونه حجةً على غيره، يعني: يُحمل على هذا (أَفْرَضُكُمْ)، يعني: أعلمكم وأكثركم اهتمامًا بهذا الفن، وليس لازم أن يكون حجةً على المخالف، حينئذٍ يكون المرد إلى النص وخاصةً إذا وقع النزاع بين الصحابة.

(وَنَاهِيْكَ بِهَا) قلنا: ناهيك بها، ناهيكَ ناهي هذا اسم فاعل من النهي ناهيك بها يحتمل أن ناهيك مبتدأ والضمير بها ها الضمير هنا خبر زِيدَتْ فيه الياء، الباء زائدة تُزاد في الخبر، ولكنها ليست قياسية هنا ليست قياسية، وإنما تزاد في خبر ماذا؟ خبر ما النافية وما ألحق بها، وأما في حال الإثبات فليس بقياس، والمعنى الذي نهاك عن أن تطلب غيرهُ في بيان فضل زيد هذه الشهادة، أو بالعكس، والمعنى: هذه الشهادة تنهاك أن تطلب غيرها، ويحتمل أن الضمير فاعل الوصفِ، الوصف ما هو الوصف؟ ناهي، على حدِّ قول ابن مالك:

فائزٌ أولو الرشد

<<  <  ج: ص:  >  >>