للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[عناصر الدرس]

* ما يجوز تثنيته وجمعه من أنواع المفعول المطلق (أنواع المفعول المطلق من حيث التثنيه والجمع) ـ

* حالات حذف عامل المفول المطلق.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله، والصلاة، والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد.

قال الناظم رحمه الله تعالى:

وَقَدْ يَنُوبُ عَنْهُ مَا عَلَيْهِ دَلّ ... كَجِدَّ كُلَّ الْجِدِّ وَافْرَحِ الْجَذَلْ

هذا شروع منه في بيان النائب عن المفعول المطلق، وَقَدْ يَنُوبُ، قَدْ هذا حرف تحقيق، يَنُوبُ فعل مضارع، وعَنْهُ هذا متعلق به، والضمير يعود إلى المصدر، ومَا اسم موصول بمعنى الذي فاعل، ودَلّ عَلَيْهِ، عَلَيْهِ متعلق بـ (دَلّ)، و (دَلّ) هذه جملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، ثم مثل بـ: جِدَّ كُلَّ الْجِدِّ وَافْرَحِ الْجَذَلْ، وهذا بناءً -كما ذكرنا- أن قوله: عَنْهُ يعني عن المصدر، ثم مثل بمصدر: وَافْرَحِ الْجَذَلْ ناب عنه، إذاً ناب مصدر عن مصدر، وَقَدْ يَنُوبُ عَنْهُ: عن المصدر، ثم قال: وَافْرَحِ الْجَذَلْ، إذاً الجذل هذا نائب عن المصدر، وهو مصدر، إذاً ناب مصدر عن مصدر، لأن الأصل في المفعول المطلق أن يكون موافقاً لعامله في اللفظ والمعنى، فإن خالف، بأن وافق في المعنى دون اللفظ، عند ابن مالك -رحمه الله تعالى-: نائب عن المفعول المطلق، وليس بمفعول مطلق.

إذاً الأصل في المفعول المطلق، أن يكون من لفظ العامل فيه ومعناه، وَقَدْ يَنُوبُ عَنْهُ يعني عن المصدر المتأصل في المفعولية المطلقة، وهو ما كان من لفظ عامله لا مطلق المصدر، حتى يرد أن المفعول المطلق في قوله: افْرَحِ الْجَذَلْ مصدر، هنا ناب مصدر عن مصدر، نعم، وهو مسلم به، لأن المراد بالمصدر الذي نيب عنه، المصدر الموافق لعامله في المعنى واللفظ، والمراد بالمصدر الذي وقع نائباً هنا: ما وافق في المعنى دون اللفظ، ولا شك أن الثاني دون الأول، لا شك أن ما وافق في اللفظ والمعنى أعلى رتبة، وما وافق في المعنى دون اللفظ هذا أدنى، فلا يرد حينئذٍ قوله: افْرَحِ الْجَذَلْ بأنه مصدر.

والأصل في المفعول المطلق، أن يكون من لفظ العامل فيه ومعناه نحو: ضربت ضرباً، ضرباً، هذا من لفظ العامل ومعناه.

وَقَدْ يَنُوبُ عَنْهُ ما دل عليه من مغاير لفظ العامل فيه، ينوب عنه -عن المصدر الموافق للفظ عامله ومعناه- مغاير للفظ عامله، موافق له في معناه، يعني النوع الثاني، وهو: افْرَحِ الْجَذَلْ، نحو: جِدَّ كُلَّ الْجِدِّ، فكُلَّ منصوب على أنه مفعول مطلق، وليس من لفظ جِدَّ، جِدَّ كُلَّ، كُلَّ جِدِّ، إذاً ليس موافقاً له في اللفظ, مع أنه في المعنى موافق له، لماذا وافقه، وهو لفظ كل؟ نقول: كل القاعدة فيها، -وهذا سيأتينا في باب الإضافة إن شاء الله-، القاعدة فيها أن حكمها حكم المضاف إليه، يعني هل هي ظرف؟ هل هي مصدر؟ هل هي اسم زمان؟ نقول: العبرة بالمضاف إليه، إن أضيفت إلى اسم زمان فهي ظرف زمان، إن أضيفت إلى اسم مكان فهي ظرف مكان، إن أضيفت إلى مصدر فهي مصدر.

إذاً جِدَّ كُلَّ الْجِدِّ هذا فيه معنى المصدر، وافق جِدَّ في المعنى دون اللفظ، تقول: كيف وافقه وهو لفظ كل، والأصل فيه أنه ليس مصدر؟ تقول: لإضافته إلى المصدر اكتسب معنى المصدرية، فهو موافق للعامل في المعنى دون اللفظ