للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[عناصر الدرس]

* حكم (مع) ولغاتها

* حكم أسماء الغايات وحالاتها

* حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه , مع الشروط.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

وقفنا عندَ قولِ الناظم رحمه الله تعالى:

وَأَلْزمُوا إِضَافَةً لَدُنْ فَجَرّْ ... وَنَصْبُ غُدْوَةٍ بِهَا عَنْهُمْ نَدَرْ

وَمَعَ مَعْ فِيهَا قَلِيلٌ وَنُقِلْ ... فَتْحٌ وَكَسْرٌ لِسُكُونٍ يَتَّصِلْ

وقفنا عندَ قولِه: وَمَعَ مَعْ فِيهَا قَلِيلٌ.

ذكرَ في هذين البيتين لفظتينِ مما يلزما الإضافةَ إلى المفرد، وهما لفظة (لدن) وسبقَ الكلام عليها، وقال: (وَمَعَ)، هذه اللفظة الثانية، وهذه معطوفة على قوله: وَأَلْزمُوا إِضَافَةً لَدُنْ وَمَعَ، و (مع): معطوف على (لدن)، ثم معْ بالإسكان هذا يُعتبر مبتدأ، وقليل خبره، و (فِيهَا) جار ومجرور مُتعلّق بقوله: قليل، هذا الذي يصحُّ به المعنى، وأما إذا جُعل (مع) على أنه مبتدأ، ثم ما بعدَه خبر له فسدَ المعنى، لماذا؟ لأنه أرادَ أن يُبيِّن أن (مع) مما يلزمُ الإضافة إلى المفرد، حينئذٍ لو فصلناها وقلنا: (معَ) مبتدأ، (مَعْ فِيهَا قَلِيلٌ)، كأنه بيّنَ لنا أن (معَ) فيها لغتان: التحريك بالفتح، والإسكان وهي اللغة الثانية، وهذا ليسَ مراداً للناظم؛ لأنه ما زالَ يُعدّد لنا الأسماء التي هي ملازمة للإضافة معنى ولفظاً أو معنى دون لفظ.

إذن لا يصحُّ الإعراب إلا أن نجعل (مع) معطوفاً على قوله: لدن، وألزموا إضافة لدن ومع، كلٌّ منهما مضاف إلى المفرد.

مَعْ فِيهَا قَلِيلٌ: هذه لغة أخرى .. مبنية على السكون كما سيأتي في محلّه، ومع: أي من الأسماء اللازمة للإضافة (مع)، وهي اسمٌ لموضع الاجتماع مُلازمة للظرفية إذا أُضيفت، فهي اسمُ لمكان الاصطحاب أو وقته، والمشهورُ فيها فتحُ العين وهو فتحُ إعراب، فتكون منصوبة على الظرفية مع ملازمة للظرفية، وتُفرد كذلك، فحينئذٍ يلزمُ نصبُها على الحال، نقول: (جاء الزيدان معاً) يعني: جميعاً، (معاً) هذا إعرابه حالٌ من الفاعل الزيدان، وجاءَ القومٌ معاً، أي جميعاً كذلك، فحينئذٍ تكون حالاً من المثنى وتكون حالاً من الجمع فيستويان؛ اللفظ واحد معاً، جاء الزيدان معاً، الزيدان جاءا معاً، الزيدون جاؤوا معاً .. حينئذٍ كلاهما منصوب على الحالية، أي: جميعاً.

و (مع) عرفنا أنها مما تلزمُ الإضافة إلى المفرد، وقد تنقطعُ عنه فحينئذٍ تنتصبُ على الحالية؛ لأنه يرجعُ إليها التنوين تقول: (جئتك معَ العصر)، يعني وقت العصر، وجئت مع زيد، فهي مُفيدة للمصاحبة.

واختلفوا فيها: هل هي ثُنائية الوضع أم ثلاثية؟ مَعْ حرفان ميم والعين، ثم إذا نصبتَها قلت: معاً، ولذلك هذان اختلافان هل هي أصلية من حيث الثنائية أم أنها ثلاثية؟ يعني هل هي أولُ ما وُضِعت على حرفين الميم والعين (مَعْ)، أو أنها ثلاثية وحُذف اللام .. لامُ الكلمة كما حُذفت من (يد ودم)؟ (يد) أصلها يديٌ، (يدٌ) ليست على حرفين، وإنما هي على ثلاثة أحرف، وأين الحرف الثالث؟ نقول: هذا لامُ الكلمة حُذِف اعتباطاً يعني: لغير علة تصريفية، يُسمّى حذفاً اعتباطياً، وإذا كان حذفاً تصريفياً فهو القياس هذا الأصل عند الصرفيين.