للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[عناصر الدرس]

* حدف المضاف وإبقاء المضاف إليه مجروراٌ وشروطه

* شروط إبقاء المضاف على حاله بعد حدف المضاف إليه

* حكم الفصل بين المضاف إليه وأنواع الفاصل.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال الناظم رحمه الله تعالى:

وَمَا يَلِي الْمُضَافَ يَأْتِي خَلَفَا ... عَنْهُ فِي الاِعْرَابِ إِذَا مَا حُذِفَا

عرفنا أن هذه المسألة مسألة حذفِ ما عُلم من مضاف ومضاف إليه، والبيت هذا تقيد ب حذف المضاف في مسألةٍ شهيرةٍ وإن عنونَ لها البيانيون بالمجاز، ولكن يُشترَط في جوازِ حذف المضاف شرطان؛ الأول: أن يكون ثَم دليل أو قرينة على المحذوف، فإن لم تكن قرينةٌ حينئذٍ امتنعَ حذفه، يعني قعّضد ما لا يدلُّ عليه دليل لا يجوز حذفه البتة مطلقاً في أبواب النحو كلها.

الثاني: أن يكونَ المضاف مُفرداً لا جملة؛ لأن الجملة حينئذٍ لا تقوم مقامَ المضاف إذا حُذف.

وأما الأول هذا مُتفق عليه، والثاني حكي عليه الاتفاق.

وَمَا يَلِي الْمُضَافَ أي: الذي يلي المضافَ، الذي يتلوُهُ ويليه -وهو المضاف إليه- يأتي خلفاً عنه بعد حذفه، ولذلك قال: (إِذَا مَا حُذِفَا) ولا يمكن أن يكونَ خلفاً عنه إلا بعدَ حذفه، حينئذٍ دلَّ على الحذفِ قوله: (يَأْتِي خَلَفَا عَنْهُ) وهذا دلَّ على أنه حُذف، وقوله: إِذَا مَا حُذِفَا هذا أشبه ما يكون بالتأكيد.

وَرُبَّمَا جَرُّوا الَّذِي أَبْقَوْا كَمَا ... قَدْ كَانَ قَبْلَ حَذْفِ مَا تَقَدَّمَا

لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا حُذِفْ ... مُمَاثِلاً لِمَا عَلَيْهِ قَدْ عُطِفْ

وَرُبَّمَا جَرُّوا: ربما هذه للتقليل.

جَرُّوا الَّذِي أَبْقَوْا: وهو المضاف إليه، هذا ما يتعلق بالمضاف إليه، في السابق قال: يَأتِي خَلَفَاً عَنْهُ فِي الاِعْرَابِ، قد لا يأتي خلفاً عنه في الإعراب، بل يبقى على أصله على جرِّهِ، فيُحذَف المضاف ويبقى المضافُ إليه على جرِّهِ، فيبقى مجروراً كما هو الشأن فيه قبلَ حذف المضاف.

وَرُبَّمَا جَرُّوا: أي العرب نُطقاً، أو النحاة حكمُوا بذلك، والأول أظهر.

وَرُبَّمَا جَرُّوا الَّذِي أَبْقَوْا: وهو المضاف إليه، بعدَ حذف المضاف.

أَبْقَوْا المضاف إليه كَمَا قَدْ كَانَ قَبْلَ حَذْفِ مَا تَقَدَّمَا: والذي تقدَّمَ ما هو حذفه؟ المضاف، يعني يبقى المضاف إليه على حاله، في السابق بين لنا القاعدة الأصلية وهي: أنه إذا حُذف المضاف أُقيمَ المضاف إليه مقامه فارتفعَ ارتفاعَه أو انتصبَ انتصابَه، أو جُرّ جرَّه .. خفض خفضه، وقد لا يكون كذلك بل يبقى على حاله.

وَرُبَّمَا جَرُّوا: يعني استداموا جرَّ الَّذِي أَبْقَوْا كَمَا قَدْ كَانَ قَبْلَ حَذْفِ مَا تَقَدَّمَا: معنى البيت أي: تركوا المضاف إليه على الحالة التي كان عليها قبلَ حذف المضاف وهي الجرّ، فيبقى على حاله، وفُهِم من قوله: وَرُبَّمَا أن هذا قليل؛ رُبَّمَا جَرُّوا نقول: هذا قليل؛ لأن ربّ للتكثير كثير وللتقليل قليل، هنا لا يتأتى فيها التكثير، لماذا؟ لأن حذفَ المضافِ وإقامة المضاف إليه مقامه .. كونه يرتفعُ ارتفاعه وينتصبُ انتصابه، هذا قليل خلاف الأصل.