للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[عناصر الدرس]

* إعادة (اسم المصدر) وعمله

* حكم معمول المصدر وتابعه. خاتمة

* شرح الترجمة (إعمال اسم الفاعل) وحده

* فائدة في علة عمل اسم الفاعل.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال الناظم رحمه الله تعالى: إعمال المصدر

بِفِعْلِهِ الْمَصْدَرَ أَلْحِقْ فِي الْعَمَلْ ... مُضَافاً اوْ مُجَرَّداً أَوْ مَعَ أَلْ

إِنْ كَانَ فِعْلٌ مَعَ أَنْ أَوْ مَا يَحُلْ ... مَحَلَّهُ وَلاِسْمِ مَصْدَرٍ عَمَلْ

ذكرَ في هذين البيتين إعمالَ المصدر بعدَ أن بيّنَ لنا المصدر فيما سبق، وبيّنا شروطه، ثم ذكرَ اسم المصدر (بِفِعْلِهِ الْمَصْدَرَ أَلْحِقْ في الْعَمَلْ) أَلحق المصدر بفعله في العمل، تعدياً ولزوماً، فإن كان فعلُه المشتقّ منه لازماً فهو لازم، وإن كان مُتعدياً فهو متعدٍّ إلى ما يتعدّى إليه بنفسه أو بحرف جر.

وذكرنا أن المصدرَ يخالف فعله في أمرين: العمل واحد، إن كان الفعل لازماً حينئذٍ المصدر عَمِل عملَ الفعل المشتقّ منه، فإذا كان مُتعدياً بحرف جرّ تعدّى إليه بنفس الحرف، وإن كان مُتعدياً بنفسه تعدّى إليه بنفسه، لكن يخالفه في أمرين:

الأول: أن في رفعه النائب عن الفاعل خلافاً، يعني محلّ خلاف، وذكرنا أن فيه ثلاثة أقوال: الجواز مطلقاً، والمنع مطلقاً، والتفصيل.

والمراد بالتفصيل بين ما إذا كان فعلُه لا يكون إلا مُغيّر الصيغة صحَّ أن يعمل المصدر عملَ الفعل، فيرفع نائب الفاعل، وإلا فلا، هذا مثَّلنا له بزُكِم فُعِل، دائماً مُلازم للبناء للمجهول، بمعنى أنه لا يكون على فعل، وإنما دائماً يكون على فُعِل، إن كان كذلك حينئذٍ لا يلتبسُ، وحجةُ المانع أنه يلتبسُ لا يدرى هل هذا نائب فاعل أم فاعل، وهذا حقّ، فإذا أُمِن اللبسُ حينئذٍ جازَ أن يرفعَ نائب فاعل، وهذا قولُ أبي حيان وهو أظهرُ .. جيد.

الأمر الثاني الذي يخالفُ المصدر فعله: أن فاعلَ المصدر يجوزُ حذفه، بخلاف فاعل الفعل، وإذا حُذف حينئذٍ لا يتحمل ضميره.

مُضَافاً أَوْ مُجَرَّداً أَوْ مَعَ أَلْ: قلنا هذا إشارة إلى أن المصدر يعملُ مطلقاً، وإن كان يختلف في كثرة العمل، مُضافاً هذا الأكثر، ومجرداً هذا أقل من المضاف لكنه أقيسُ؛ لأنه أشبهَ بالفعل، محلى بـ (أل)، قلنا هذا فيه أربعة مذاهب، والصواب أنه يجوزُ إعماله مطلقاً لوروده سماعاً، ولو كان ضعيفاً قليلاً؛ لأن الإضافة هي أكثر ثم التجريد من (أل) والإضافة، ثم كونه مع (أل)؛ لأنها العلّة عند النحاة المتأخرين أن المصدر إنما أُعمل مع كونه جامداً .. أعمل لشبههِ بالفعل، فلما أشبهَ الفعل حينئذٍ عملَ عمله وهذا محلّ نظر، بل الصواب أنه إنما عملَ لكونه أصلَ الفعل؛ لأنه لو عُلّل بالعلة السابقة لقيل حينئذٍ إذا أشبه الفعل فإذا اتصل به ما هو من خصائص الأسماء أبعده، أضعفَ الشبه كما هو الشأن في الحرف هناك، قلنا الاسم إذا أشبهَ الحرف بُني، لا بدّ أن يكون الشبهُ قوياً، فإذا اتصل بالاسم ما هو من خصائص الأسماء حينئذٍ بعُد شبهه أو ضعف شبهه بالحرف فلم يُبنَ.