للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذاً: شرط (أنْ) تكون مَصدريَّة: ألا تكون مُفسِّرة، ولا زائدة، ولا مُخفَّفَة من الثَّقيلة.

حينئذٍ نقول: (أنْ) على أربعة أقسام، وهي: مصدريَّة .. زائدة .. مُفسِّرة .. مُخفَّفَة من الثَّقِيلة.

ومِمَّا طرحناه يُعْلَم الفرق بينها، وأحكامها في الجملة.

قال رحمه الله:

وَبَعْضُهُمْ أَهْمَلَ أَنْ حَمْلاً عَلَى ... مَا أُخْتِهَا حَيْثُ اسْتَحَقَّتْ عَمَلاَ

(وَبَعْضُهُمْ أَهْمَلَ أَنْ) الأصل في (أَنْ) أن تكون مَصدريَّة ناصبة .. تنصب، هذا الأصل فيها، يعني: التي لم تُسْبَق بِعلْمٍ ولا ظَنَّ .. السابقة إذا تَعيَّن أنَّها مَصدريَّة، ليس المراد أنَّه إذا كانت مُحتَملة للغير لا، المراد: إذا تَعيَّن أنَّها مَصدريَّة، وذلك فيما إذا لم يسبقها عِلْمٌ أو ظَنٌّ بعض العرب أهملها فلم يَنْصِب بِها، لماذا؟ قياساً على (مَا) المصْدريَّة، و (مَا) المَصدريَّة سبق بيانها في الموصولات، وأنَّها تؤوَّل مع ما بعدها بمصدر.

(مَا) المَصْدريَّة لا تعمل .. لا تَنْصِب، كلٌ منهما مَصْدرِي يُؤوَّل مع ما بعده بمصدر، حينئذٍ أهملت (مَا) المَصدريَّة، قياساً عليها أهملوا (أنْ) المصدريَّة.

(وَبَعْضُهُمْ) أي: بعض العَرَبْ، (أَهْمَلَ أَنْ) أهملها يعني: عن العمل لم يَنْصِب بها، (أَهْمَلَ أَنْ) (أَهْمَلَ) فعل ماضي، و (وَبَعْضُهُمْ) هذا مبتدأ، (أَهْمَلَ) فعل ماضي، والفاعل ضمير مستتر يعود على المبتدأ (بَعْض) و (أَنْ) مفعولٌ به قُصِدَ لفظه، (حَمْلاً) هذا حال من فاعل (أَهْمَلَ) أهملها لماذا؟ (حَمْلاً) يعني: حاملاً لها (عَلَى مَا) المَصدريَّة (أُخْتِهَا) هذا بدل من (مَا).

(حَيْثُ اسْتَحَقَّتْ عَمَلاَ) واجباً، وذلك إذا لم يَتقدَّمَها عِلمٌ أو ظَن، لأنها مثلها، (مَا) المَصدريَّة مثل (أنْ) المَصدريَّة، فما دام أنَّه أُعْمِلَت (أنْ) المَصدريَّة إذا لم يَتقدَّمها عِلمٌ ولا ظن، فـ: (مَا أُخْتِهَا) كاسْمها .. أختها، الأصل أنَّها تَنْصِب إذا يَتقدَّم عليها ظنٌ ولا عِلْم، لكن أهْملوها.

حينئذٍ نقول: هذا تَعليلٌ فيه إشكال:

وَبَعْضُهُمْ أَهْمَلَ أَنْ حَمْلاً عَلَى ... مَا أُخْتِهَا. . . . . . . . . . . .

(حَمْلاً عَلَى) أي: بالحمل على (مَا) الحمل المراد به القياس، ولذلك تسمَّى: الحمليات هناك عند المناطقة، (حَمْلاً) أي: بالحمل (عَلَى مَا) بِجامع أنَّ كلاً منهما حرفٌ مَصدريٌّ ثُنَائي، وبعضهم أعْمَلَ (مَا) المَصدريَّة حملاً على (أنْ) المَصدريَّة، العكس يعني.

(مَا) الأصل فيها عدم العمل، ولذلك الفصيح الشائع في لسان العرب: أنَّها على تعمل، (أنْ) المَصدريَّة الأصل فيها أنَّها تعمل، بعضهم أهمل (أنْ) حملاً على (مَا) وهذا قليل، وبعضهم عكس: حَمَلَ (مَا) على (أنْ) المَصدريَّة فأعملها: كما تكونوا يولَّى عليكم، هكذا أوردوه مثالاً، إذ لا يَصِّح حديثاً، كما تكونوا .. تكونون، قيل: (مَا) مَصدريَّة و (تكونوا) هذه فعل مضارع منصوب ونصبه حذف النُّون، والعامل فيهما (مَا) المَصدريَّة.

إذاً: لماذا أُعمِلَت؟ حملاً على (أنْ) المَصدريَّة.