للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بقي مسألة تَتعلَّق بأدوات الجزم وهي: إعرابها، بعد أن عرفنا فعل الشَّرط وما يكون، وجواب الشَّرط وما يكون، وما يخلفه، بقي أدوات الشَّرط، كيف نُعرب (من) و (ما) و (حيثما) ونحوها؟ نقول: ما هو اسمٌ منها سواءٌ كان متفقاً عليه، أو على الرَّاجح، إمَّا أن يدلَّ على ظرفٍ .. قلنا: هذه الأسماء ظرفيَّة وغير ظرفيَّة كما سبق، إن دل على ظرفٍ نحو: (أين) و (متى) و (حيثما) حِينئذٍ فهي في مَحلِّ نصب على الظرفيَّة، كل الذي سبق معنا الظرفي تقول: في مَحلِّ نصب على الظَّرفيَّة والعامل فيه فعل الشَّرط، كلما جاءت (أين) و (أينما) و (حيثما) حِينئذٍ تقول: منصوب على الظَّرفيَّة، فهي في مَحلِّ نصبٍ على الظَّرفيَّة ومُتعلَّقه فعل الشَّرط، يعني: العامل فيه فعل الشَّرط.

وإمَّا أن يدلَّ على حدثٍ، إن لم يَدلَّ على ظرفٍ إمَّا أن يدلَّ على حدثٍ، وذلك يُتصوَّر في أداتين: (أيٍّ) و (ما)، أمَّا (أيٍّ) لأنَّ (أيًّ) بحسب ما تضاف إليه كما سبق، وهي تضاف إلى المصدر: أيَّ ضربٍ ضَرَبْتَ أضرب، وتضاف إلى ظرف الزمان، وتضاف إلى ظرف المكان، حِينئذٍ إذا أضيفت فتفسَّر بِحسب ما أضيفت إليه: إذا أضيفت إلى ظرف الزَّمان ألحقتها بظرف الزمان، وإذا أضيفت إلى ظرف المكان ألحقتها بظرف المكان، إذاً: لا إشكال فيه فهي داخلةٌ في القسم الأول ما يُنصب على الظَّرفيَّة والعامل فيه فعل الشَّرط.

وإن أضيفت إلى الحدث وهذا الذي يعنينا نحو: أيَّ ضربٍ تضرب أضرب، وكذلك: (ما) موضوعةٌ لِمَا لا يعقل، هذا الأصل، موضوعةٌ لشيءٍ لا يعقل، ولا يعقل هذا يصدق على ما هو حدث وغيره، إذاً: مِمَّا لا يعقل ما هو حدثٌ، إذاً: يتصوَّر أن يدلَّ على الحدث بشيئين: (أيٍّ) إذا أضيفت إلى الحدث لا إلى الظرف، و (ما) إذا استعملت فيما لا يعقل مراداً به الحدث، حِينئذٍ تعربهما إذا أريد بهما الحدث مفعول مطلق.

وقد يكون ما لا يعقل حدثاً وهي حِينئذٍ مفعولٌ مطلق في الموضعين، ولذلك أعرب: ((مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ)) [البقرة:١٠٦] أيَّ نسخٍ ننسخ، فـ: (مَا نَنسَخْ) (مَا) من أوجه الإعراب فيها أنَّها مفعول مطلق، لأنَّ (مَا) شرطيَّة وهنا صدقت على الحدث، والذي يصدق على الحدث كما سبق أنَّه يُعرب مفعولاً مطلقاً، فإن لم يدلَّ على ظرفٍ ولا حدث ..

إذاً التَّقسيم: إمَّا أن يدلَّ على ظرفٍ أو لا، إن دلَّ على ظرف فهو في محلِّ نصب على الظَّرفيَّة مكانيَّة أو زمانيَّة، إن لم يدلَّ على ظرف فإمَّا أن يدلَّ على حدثٍ أو لا، إن دلَّ على حدث وذلك متصوَّر في (أيٍّ) و (ما) على التفصيل السابق فهو مفعولٌ مطلق.

إن لم يدلَّ على ظرفٍ ولا حدثٍ، حِينئذٍ لا ننظر إلى المعنى، وإنما ننظر إلى الفعل الذي بعده، فإمَّا أن يكون الذي بعدها فعلاً لازماً أو متعدِّياً، فإن كان فعلاً لازماً أعربت اسم الشَّرط مبتدأ، والجملة الشَّرطيَّة التي بعده الشَّرط والجواب في مَحلِّ رفع خبر، على الخلاف الذي ذكرناه سابقاً، قيل: جواب الشَّرط وقيل: فعل الشَّرط، وقيل: لا .. لا خبر له، وقيل: الجملتان معاً، أربعة أقوال: