للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[عناصر الدرس]

* تأنيث عامله وحكم التأنيث

* إتصال الفاعل بعامله. وصور وجوب الإتصال

* متى يجب تقديم المفعول على الفاعل.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

لا زال الحديث في باب الفاعل، وقد عنون له الناظم رحمه الله تعالى بقوله: الفاعل. وقد ذكر رحمه الله تعالى الحدَّ بالمثال كما ذكرناه سابقاً في قوله:

الْفَاعِلُ الَّذِي كَمَرْفُوعَيْ أَتَى ... زَيْدٌ مُنِيراً وَجْهُهُ نِعْمَ الْفَتَى

وحقيقة الفاعل أُخذت من المثال، وهذه طريقة الناظم رحمه الله تعالى؛ يعرِّف بالمثال، وهو مُعْتَبَر عند المتقدمين أنهم يعرِّفون الشيء بالمثال، ولذلك قال سيبويه:

الاسم كـ: زيد والفعل كـ: قام والحرف كـ (إذا)، عرَّفه بالمثال، وهذا لا بأس.

وهنا قال:

أَتَى ... زَيْدٌ مُنِيراً وَجْهُهُ نِعْمَ الْفَتَى

عدد الأمثلة لما ذكرناه بالنظر إلى عامل الفاعل، وقد يكون فعلاً -وهو الأصل-، وقد يكون وصفاً وهو فرع مُنِيراً وَجْهُهُ، ثم الفعل قد يكون متصرفاً وقد يكون جامداً.

ذكر في هذا الباب سبعة أحكام للفاعل، أشار إلى الأول -وهو الرفع- بقوله: كَمَرْفُوعَيْ، وهذا يشمل: الرفع الظاهر والرفع المقدر والرفع المحلي، ويشمل الرفع إذا كان بحركة أو بحرف.

الرفع الظاهر واضح، والرفع المقدر كذلك إذا كان مقصوراً أو منقوصاً أو مضافاً إلى ياء المتكلم: جاء غلامي نقول: هذا مقدر الحركة فيه، جاء الفتى مثل ما ذكر الناظم:

نِعْمَ الْفَتَى، وقد يكون محلياً وذاك فيما إذا كان الفاعل مبنياً أو كان مؤولاً بالصريح، أو إذا كان محلياً أو .. المحلي إذا كان مؤولاً بالصريح أو كان مبنياً، فقط في هذين البابين. وأما إذا كان مجروراً بحرف الجر الزائد كـ (الباء ومن) وحينئذٍ يكون من المقدر أو المحلي؟ قلنا: فيه نزاع، والصواب أنه من المقدر. هذا الحكم الأول وهو الرفع.

والثاني: وجوب تأخيره عن عامله، وأشار إليه بقوله: وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعلٌ.

الثالث: لا بد منه في الظاهر وإلا مستتر، وأشار إليه بقوله:

فَإنْ ظَهَرْ ... ... فَهْوَ وَإلاّ فََضَمِيرٌ اسْتَتَرْ

والرابع: تجريد الفعل إذا أسند لمثنىً أو جمع، ومثله الوصف، إنما يذكر الفعل دائماً لأنه أصل في العمل، وأشار إليه بقوله: وَجَرِّدِ الْفِعْلَ .. البيتين. وقلنا: هذا هو الأصل في لسان العرب أنه يجرد، وَقَدْ يُقَالُ سَعِدَا وَسَعِدوا قلنا: هذه لغة بني الحارث أو نسبت إلى طي، ولكنها ليست بالمشهورة، فلا يحمل عليها فصيح الكلام، يعني: إذا جاء في القرآن ما ظاهره أنها لغة طي أو لغة أَكَلُوني الْبَرَاغِيثُ أو {يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ}، سمها بما شئت؛ إذا جاء ظاهر القرآن على هذه اللغة لا ينبغي إعرابه؛ لأن الألف أو الواو حرف وما بعده فاعل، ولذلك جاء قوله: ((وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)) وَأَسَرُّوا: -بالواو- النَّجْوَى: مفعول به، الَّذِينَ ظَلَمُوا، وهذا ظاهره مثل: قاموا الزيدون -ظاهره مثله-؛ لكن نقول: ينبغي -هنا- أن يجعل (الَّذِينَ) بدل أو جملة: أَسَرُّوا النَّجْوَى خبر مقدم، ولا ينبغي حمله على هذه اللغة.