للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١ - أن يريد مؤلف الكتاب الوصول بالقارئ إلى نتيجة لا تدل عليها أحاديث الباب التي بَيْنَ يديه بصورة مباشرة، فيضع له ما يرشده إليها في العنوان، ليصل إليها القارىء بِإِعْمَالِ فِكْرِهِ، ويعلم أنها المقصودة.

٢ - أن يقصد المؤلف شَحْذَ ذِهْنِ الطَّالِبِ وتمرينه على التفهم والاستنباط، فيسلك طريق الإشارة ليتفكر القارىء فيها فيستيقظ عقله، ويكتسب تَفَقُّهًا وَتَعَمُّقًا في العلم.

ونستطيع أن نعتبر هذا الفن من التراجم خصوصيه لـ " الجامع الصحيح " للبخاري عَلَى وجه الجملة، قد يشاركة غيره في قدر قليل منه، ثم ينفرد الامام البخاري بألوان كثيرة منه، لها وهذه مسالكه نوضحها بالأمثلة فيما يلي:

١ - أن تتضمن الترجمة حُكْمًا زَائِدًا على مدلول الحديث، لوجود ما يدل على هذا الحكم من طريق آخر.

ومثاله عند " البخاري ": ما ذكر الامام بدر الدين بن جماعة في " مناسبات تراجم البخاري " (١) قال: «فَتَارَةً يَخْتَصِرُ الحَدِيثَ المُتَضَمِّنَ حُكْمَ تَرْجَمَةِ البَابِ، وَيُحِيلُ فَهْمَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَعْرِفُهُ مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ، كَحَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ فِي الشِّعْرِ فَي المَسْجِدِ، فَإِنَّ الحَدِيثَ الذِي أَوْرَدَهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالمَسْجِدِ، لَكِنَّهُ جَاءَ مُصَرِّحًا بِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، فَاكْتَفَى بالإِشَارَةِ فِي الحَدِيثِ إِحَالَةً عَلَى مَعْرِفَةِ أَهْلِهِ». اهـ. وَالحَدِيثُ المَذْكُورُ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي (الصَّلاَةِ)، قَالَ (٢) «(بَاب الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ)، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «يَا حَسَّانُ أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ؟» قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ «نَعَمْ» اهـ.

٢ - أن يكون تطابق الترجمة مع الباب بطريق الاستنتاج لعلاقة اللزوم مثلاً، وهو


(١) ورقة (١ ب) من النسخة المخطوطة بمكتبة الأوقاف بحلب رقم ٣١٨ - الخزانة الأحمدية.
(٢) جـ ١ ص ٩٨.

<<  <   >  >>