للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كثير في تراجمه.

مثاله في " الجامع الصحيح ": (بَاب أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ) أخرج فيه من طرق متعددة، بألفاظ متقاربة، حديث مرض النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإنابته أبابكر لِيُصَلِّي بالناس. وَفِيهِ قَوْلُ عَائِشَةَ: «إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ». قَالَ: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» ... فَقَالَ: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ... » الحديث (١).

فقد قدمه النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى من هو أجهر صَوْتًا وَأَقْوَى، ومعلوم أن أبابكر أعظم الصحابة عِلْمًا وًفَضْلاً، كما دلت الدلائل الأخرى في غير هذا المقام، فعلم أن التقدم للعلم والفضل كما ترجم البخاري.

٣ - أَنَّ تطابق الترجمة للحديث بالعموم والخصوص: بأن يكون الحديث خَاصًّا والترجمة أعم منه، فيطابقها بتعميم معناه، أو يكون الحَدِيثُ عَامًّا وَالتَرْجَمَةُ خَاصَّةً فتدرج فيه.

ومن أمثلة ذلك عند أبي عبد الله البخاري:

(بَابُ لاَ يُقِيمُ الرَّجُلُ أَخَاهُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَيَقْعُدُ فِي مَكَانِهِ) أخرج فيه حديث بْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - يَقُولُ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ أَخَاهُ مِنْ مَقْعَدِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ» (٢).

والنهي مطلق يعم جميع الأوقات، منها يوم الجمعة الذي ترجم به البخاري.

٤ - الترجمة بشيء بدهي قد يظنه قليل الجدوى، ثم بالبحث والاستقصاء تظهر له فائدة مجدية.

كما ترجم البخاري بـ (بَابُ الصَّلاَةِ عَلَى الحَصِيرِ) وَ ([بَاب] الصَّلاَةِ عَلَى الخُمْرَةِ) فِي كِتَابِهِ (٣).

وَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ مثل هذه التراجم غير مُجْدِيَةٍ، لأن ما تضمنته أمر شائع معلوم لكنها في الحقيقة ذات فائدة، حيث إنها إشارة إلى الرَدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ ذلك، كابن الزبير وغيره.

وقال الحافظ أبوالفضل ابن حجر: «النُّكْتَةُ فِي تَرْجَمَةِ البَابِ - يعني الصلاة على


(١) جـ ١ ص ١٣٦.
(٢) جـ ٢ ص ٨ وانظر " فتح الباري ": جـ ٢ ص ٢٦٧.
(٣) جـ ١ ص ٨٥، ٨٦ وانظر " فتح الباري ".

<<  <   >  >>