للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو نذر أن يسافر ويأتي المسجد الحرام لحج أو عمرة وجب عليه ذلك باتفاق العلماء.

وأما السفر إلى بقعة غير المساجد الثلاثة فلم يوجب أحد من العلماء السفر إليه إذا نذره حتى نص العلماء على أنه لا يسافر إلى مسجد قباء؛ لأنه ليس من المساجد الثلاثة مع أن مسجد قباء يستحب زيارته لمن كان فى المدينة؛ لأن ذلك ليس بشَدّ رحل كما فى الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «صلاة في مسجد قباء كعمرة» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني). وقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه صلاة، كان له كأجر عمرة» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني).

قال بعض العلماء: قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء» تنبيه على أنه لا يشرع قصْده بشد الرحال، بل إنما يأتيه الرجل من بيته الذي يصلح أن يتطهر فيه ثم يأتيه فيقصده كما يقصد الرجل مسجد مصره دون المساجد التي يسافر إليها.

*السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة لم يفعلها أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين ـ فيما نعلم ـ فمن اعتقد ذلك عبادة وفعله فهو مخالف للسنة ولإجماع الأئمة. وهذا مما ذكره أبو عبدالله بن بطة فى الإبانة الصغرى من البدع المخالفة للسنة والإجماع.

وبهذا يظهر بطلان هذه الشبهة؛ لأن زيارة النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - لمسجد قباء لم تكن بشد رحل.

[الشبهة الثانية: أجابوا عن حديث «لا تشد الرحال» بأن ذلك محمول على نفى الاستحباب.]

الجواب: قولهم يجاب عنه بوجهين:

أحدهما: أن هذا تسليم منهم أن هذا السفر ليس بعمل صالح ولا قربة ولا طاعة ولا هو من الحسنات فإنّ مَن اعتقد أن السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين قربة وعبادة وطاعة فقد خالف الإجماع وإذا سافر لاعتقاد أن ذلك طاعة كان ذلك محرمًا بإجماع المسلمين فصار التحريم من جهة اتخاذه قربة ومعلوم أن أحدًا لا يسافر إليها إلا لذلك.

الوجه الثانى: أن هذا الحديث يقتضى النهى والنهى يقتضى التحريم وما ذكروه من الأحاديث فى زيارة قبر النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - فكلها ضعيفة باتفاق أهل العلم بالحديث بل هى

<<  <   >  >>