للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* لا يجوز لمسلم أن يطلب من أحد أن يحلف بغير الله، ولو كان كافرًا، لا بالمسيح ولا غيره؛ لقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من حُلِفَ له بالله فلْيَرض، ومن لم يَرْض فليس من الله في شيء». (رواه ابن ماجة وصححه الألباني)

شبهات وجوابها

[الشبهة الأولى: قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - لما سئل: أي الصدقة أفضل؟ فقال: «أما وأبيك لتنبأنه»، وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أفلح وأبيه إن صدق» رواهما مسلم.]

الجواب: أولًا: قال الإمام النووي - رحمه الله -:قَوْله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَمَا وَأَبِيك لَتُنَبَّأَنَّهُ» قَدْ يُقَال: حَلَفَ بِأَبِيهِ وَقَدْ نَهَى عَنْ الْحَلِف بِغَيْرِ اللهِ وَعَنْ الْحَلِف بِالْآبَاءِ، وَالْجَوَاب: أَنَّ النَّهْي عَنْ الْيَمِين بِغَيْرِ اللَّه لِمَنْ تَعَمَّدَهُ، وَهَذِهِ اللَّفْظَة الْوَاقِعَة فِي الْحَدِيث تَجْرِي عَلَى اللِّسَان مِنْ غَيْر تَعَمُّد فَلَا تَكُون يَمِينًا وَلَا مَنْهِيًّا عَنْهَا.

ثانيًا: قال ابن عبد البر: لا يجوز الحلف بغير الله تعالى بالإجماع ولا اعتبار لقول بعض المتأخرين بأنه مكروه؛ لأنه مخالف لقول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ونهيه عن ذلك.

قال ابن عباس - رضي الله عنه -: «لَأَنْ أحلف بالله صادقًا أو كذبا خير من أن أحلف بغيره صادقًا» فهذا يدل على أن الحلف بغير الله من أكبر المحرمات.

ثالثًا: هذه اللفظة «وأبيه» فيها أقوال:

(١) قال الإمام ابن عبد البر - رحمه الله -: هذه اللفظة منكرة وغير محفوظة وقد جاءت عن راويها إسماعيل بن جعفر «أفلح والله إن صدق» وهي أولى من رواية «أفلح وأبيه»؛ لأن الآثار تدل على ردها ولم تقع برواية مالك أصلًا.

(٢) قال غيره: إنها مصحفة عن قوله: «أفلح والله» فحذف لفظ الجلالة وصحف بلفظ وأبيه.

(٣) إن هذا اللفظ كان يجري على ألسنتهم بدون قصد القسم به. ذكره البيهقي وارتضاه سفيان الثوري رحمهما الله تعالى.

(٤) قال المارودي والسهيلي ـ وعليه أكثر الشراح وأيده ابن العربي المالكي ـ إن الحلف بالآباء كان في أول الإسلام ثم نسخ بعد ذلك.

<<  <   >  >>