للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وقال ابن عباس: «كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته». [رواه البخاري (٨٠٥) ومسلم (٥٨٣)].وفي رواية: عن ابن عباس قال: كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بالتكبير. [رواه البخاري (٨٠٦) ومسلم (٥٨٣)].

الجواب: أولًا: ليس في كلام ابن عباس - رضي الله عنه - أنهم كلهم كانوا يذكرون الله بصوت واحد، وليس فيه أنه كان يقودهم إمامهم، وهو ما يقوله أهل البدع استدلالاً من أثر ابن عباس، وليس في استطاعتهم إثبات ذلك من الأثر.

ثانيًا: أخذ بعض الأئمة بظاهر الحديث، فقالوا: يستحب رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة (١)، ومنهم ابن حزم، فقال: «ورفع الصوت بالتكبير إثر كل صلاة حسن» (المحلى ٤ (٢٦٠/.وخالف جمهور أهل العلم في هذا، وقد ردوا على أولئك الأئمة الذين قالوا بجواز أو استحباب الجهر بالذكر.

قال الإمام النووي في (شرح صحيح مسلم): «هَذَا دَلِيل لِمَا قَالَهُ بَعْض السَّلَف أَنَّهُ يُسْتَحَبّ رَفْع الصَّوْت بِالتَّكْبِيرِ وَالذِّكْر عَقِب الْمَكْتُوبَة. وَمِمَّنْ اِسْتَحَبَّهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ اِبْن حَزْم الظَّاهِرِيّ، وَنَقَلَ اِبْن بَطَّال وَآخَرُونَ أَنَّ أَصْحَاب الْمَذَاهِب الْمَتْبُوعَة وَغَيْرهمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى عَدَم اِسْتِحْبَاب رَفْع الصَّوْت بِالذِّكْرِ وَالتَّكْبِير، وَحَمَلَ الشَّافِعِيّ ـ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى ـ هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ جَهَرَ وَقْتًا يَسِيرًا حَتَّى يُعْلِّمهُمْ صِفَة الذِّكْر، لَا أَنَّهُمْ جَهَرُوا دَائِمًا قَالَ: فَأَخْتَارَ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُوم أَنْ يَذْكُرَا اللَّه تَعَالَى بَعْد الْفَرَاغ مِنْ الصَّلَاة وَيُخْفِيَانِ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ


(١) ١) جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (السؤال الأول من الفتوى رقم (٥٩٢٣): «يشرع رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة المكتوبة، لما ثبت من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -» وأنه قال أيضا «كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته» ولو وجد أناس يقضون الصلاة سواء كانوا أفرادا أو جماعات وذلك في جميع الصلوات الخمس المفروضة ... أما رفع الصوت بالدعاء وقراءة القرآن بصفة جماعية فهذا لم يرد عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - ولا عن صحابته وفعله بدعة، أما إذا دعا الإنسان لنفسه أو قرأ لنفسه جهرًا فلا شيء فيه إذا لم يتأذ به غيره، وهكذا الدعاء الذي يؤَمَّن عليه كدعاء القنوت» اهـ بتصرف.

<<  <   >  >>