للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب (تاريخ خليفة بن خياط) المختصر، القصد أنك لا تعجز عن أن تجد سندًا لرواية من الروايات.

إن لم تجد سندًا:

وإن عجزت ولم تجد سندًا فعندك أصل عام تسير عليه وهو خاص بالنسبة لما وقع في عهد الصحابة، ألا وهو ثناء الله تبارك وتعالى وثناء رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - على الصحابة فالأصل فيهم العدالة.

وكل رواية جاء فيها مطعن على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فالأصل النظر في السند فإن كان صحيحًا ينظر بعد ذلك في تأويل هذه الرواية وفيما تدل عليه.

فإن وجدنا السند ضعيفًا فالحمد لله، وإن لم تجد لها سندًا فعندك الأصل وهو عدالة أولئك القوم.

إذًا عند قراءة التاريخ لابد أن نقرأ بتمحيص كما نقرأ الحديث، ويُخَصُّ من هذا التاريخ تاريخ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.

لمن نقرأ؟

للأسف شُغف الكثيرون الآن في زماننا هذا بقراءة الكتب الحديثة التي ألّفَتْ في التاريخ والتي تهتم بجمال القصة، أو تشويه الصورة، أو هما معًا، بغض النظر عن صحتها أو عدم صحتها، ككتب عباس العقاد، أو كتب خالد محمد خالد، أو كتب طه حسين، أو كتب چورچي زيدان أو غيرهم من المُحْدَثين.

فهؤلاء عندما يتكلمون عن التاريخ يهتمون بالسياق وجمال القصة بغض النظر عما إذا كانت صحيحة أو غير صحيحة المهم أن يقص عليك قصة جميلة.

إذن لمن نقرأ؟

• إذا كنت تستطيع أن تبحث عن الأسانيد وتمحصها فاقرأ للإمام الطبري فهو العمدة بالنسبة للذين يكتبون في التاريخ، واقرأ لابن كثير في كتابه (البداية والنهاية)، وللذهبي في كتابه (تاريخ الإسلام).

• وإذا كنت لا تستطيع أن تمحص الأسانيد فاقرأ لأبي بكر ابن العربي في كتابه (العواصم من القواصم)، وهو من أجمل الكتب التي تكلمت عن فترة الفتنة التي وقعت بين الصحابة، واقرأ لكتب أهل السنة التي تهتم بتمحيص الروايات التاريخية وفق منهج المحدثين ككتاب (تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الإمام الطبري والمحدّثين) للأستاذ الدكتور محمد أمحزون.

مم نحذر؟

ونحن نقرأ كتب التاريخ نحذر من أن نميل مع رأي المؤلف إذ لابد من أن ننظر إلى أصل الرواية لا إلى رأيه وأن نكون منصفين ونحن نقرأ.

ولابد أن نعتقد ونحن نقرأ تاريخ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أمرين اثنين:

الأمر الأول:

أن نعتقد أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هم خير البشر بعد أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم؛ وذلك لأن الله تبارك وتعالى مدحهم والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مدحهم وبيَّنَ في أكثر من حديث أنهم أفضل الأمة أو الأمم بعد أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم.

الأمر الثاني:

أن نعلم أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - غير معصومين؛ نعم نحن نعتقد العصمة في إجماعهم لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أخبرنا أن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة (١)، لكنْ كأفراد هم غير معصومين فالعصمة لأنبياء الله - عز وجل -، أما غير الأنبياء فلا نعتقد بعصمة أحد منهم.

إذًا لابد أن نعتقد أن الصحابة خير الأولياء وأن نعتقد أنهم غير معصومين.


(١) قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَجَارَ أمَّتِي أنْ تَجْتَمِعَ عَلَى ضَلَالَةٍ». (رواه ابن أبي عاصم في السنة وحسنه الألباني).

<<  <   >  >>